مقالات

مدى قوة الضمان العيني لسداد الدين المضمون

بداية لكي نقف على مدى قوة الضمان العيني في سداد الدين المضمون، لابد من الوقوف على مفهوم الضمان ؛ والضمان نوعان هما: الضمان العيني والشخصي ويهدفان إلى حماية حقوق الدائنين وضمان سداد الديون.

ولكن الضمان العيني يعطي الدائن حقًا مباشرًا على مال معين للمدين، في حين أن الضمان الشخصي يعتمد على التزام شخص آخر (الضامن) بالوفاء بالدين إذا عجز المدين الأصلي عن ذلك.

فما هو الضمان العيني (Real Guarantee):-
هو ضمان يترتب على مال معين للمدين، مما يمنح الدائن حقًا مباشرًا على هذا المال. أي أن الدائن يمكنه التنفيذ على هذا المال لاستيفاء حقه في حالة عدم سداد المدين. من أمثلته ؛ الرهن بنوعيه (الرهن الرسمي”ويترتب على العقار وبعض المنقولات مثل الطائرة والسفينة لما لها من خصائص” ،، الرهن الحيازي ” ويترتب على العقار والمنقول بصفة عامة واخيرا بات قانونيا رهن المنقول رهنا متجردا من الحيازة وفق القانون رقم ١١٥ لسنة ٢٠١٥ تنظيم الضمانات المنقولة” ) ،، حق الاختصاص ،، وحق الامتياز.

فمن خصائص الضمان العيني أنه يعطي الدائن حقًا عينيًا على مال معين. يسمح له بالتنفيذ على المال المضمون لاستيفاء حقه، حتى لو انتقلت ملكية المال إلى شخص آخر. فهو بهذا المعنى يوفر حماية قوية للدائن، حيث لا يتأثر بوضع المدين المالي العام. وبالتالي تكمن أهميته في تعزيز الثقة في التعاملات المالية والتجارية، خاصة في العقود التي تتطلب ضمانات قوية.

أما عن الضمان الشخصي (Personal Guarantee):
فهو ضمان يعتمد على التزام شخص آخر (الضامن) بالوفاء بالدين إذا عجز المدين الأصلي عن السداد. ومن أمثلته الكفالة. أما عن خصائصه فإنه لا يترتب على مال معين للمدين، بل يعتمد على ذمة الضامن المالية. وبالتالي يسمح للدائن بالتنفيذ على أموال الضامن في حالة عدم سداد المدين. وقد يكون الضامن شخصًا طبيعيًا أو اعتباريًا. فتتلخص أهميته أنه يوفر حماية للدائن، ولكنه يعرض الضامن لمخاطر مالية إذا عجز المدين عن السداد.

لذلك هناك فرق جوهري بين الضمان العيني والذي يتعلق بمال معين، والضمان الشخصي الذي يتعلق بشخص الضامن.

ولما كانت الضمانات في القانون تلعب دورًا حيويًا في تعزيز الثقة في التعاملات المالية، مما يشجع على منح القروض والائتمان ويساهم في استقرار الأسواق المالية.

فأنني أخلص من ذلك إلي أن الضمان العيني بالنسبة للدائن أقوى بكثير من الضمان الشخصي رغم أن الضمانين يلعبان دورا حيويا في تعزيز الثقة لدى الدائنين، إلا أن الضمان العيني وارتباطه بمال معين اينما آل الي الغير؛ ظل هذا المال محملا بالضمان وظل الدائن له الأولوية في استيفاء حقه منه حسب تقدمه ومرتبته بين الدائنين، خلاف الضمان الشخصي الذي يتمثل في ضمان شخص آخر لسداد الدين، والواقع العملي يبرهن على ضعف الضمان الشخصي لأن الحق في هذا الضمان غالبا ما يسقط بالتقادم، مثل الشيكات وايصالات الأمانة والكمبيالات والأوراق التجارية وخلافه من أوراق مالية تتمثل في سندات الدين فإذا ما حصل الدائن على حكم جنائي بالنسبة للشيكات وايصالات الأمانة، خاصة إذا ما كان الشخص الضامن شخصا طبيعيا وقد صدر ضده حكم بالحبس ؛ كان هذا الحكم مهددا بالسقوط إذا لم ينفذ عليه خلال ثلاثة سنوات من تاريخ صدوره .

وحتى لو أن الضمان كان متمثلا في ورقة تجارية وخلافه من الأوراق المالية الأخرى ، فإن الدائن سيواجه صعوبات في تنفيذ الحكم الذي يحصل عليه إذا لم يتوافر مال لدى المدين يمكنه من التنفيذ عليه، وحتى في حال وجود مال سيواجه الدائن العديد من الصعوبات خاصة حال تعدد الدائنين المرتهنين وأصحاب حق الاختصاص والامتياز أولا، وأصحاب الحق من الدائنين العاديين المتقدمين عليه في المرتبة على المال الذي يمكنه التنفيذ عليه.

فكل هذه الصعوبات التي تواجه الدائن الشخصي تضعف من قوة الضمان الشخصي، لذا الدائن العيني تتوافر لديه ميزة العينية حال التنفيذ والتقدم على غيره من الدائنين العاديين.

ولكن هل هناك ما يؤدي إلى تفعيل دور الضمان العيني بالقدر الكافي لحماية حقوق الدائنين على أرض الواقع لتحقيق عملية التنمية وتفعيل دور الائتمان وتوفير الثقة لدى الدائنين في الإقدام على المعاملات دون زعزعة تبطئ حركة التعامل، وتقليل دور الضمان الشخصي الذي بات يهدد عملية التنمية والتقدم والازدهار لما بثه في نفوس الدائنين من عدم الحصول على حقوقهم المهددة بالضياع نتيجة التقاعس في التنفيذ وعدم وجود الوعاء الذي يمكن التنفيذ عليه.

الحقيقة أرى أنه ولتفعيل دور الضمان العيني وجعل الدائنين في الإقدام عليه لابد من سعي الدولة لتطبيق نظام السجل العيني وتطبيق منظومة الرقم القومي للعقار وتسجيل العقار بصفة عامة كما هو التسجيل الشخصي حتى يبيت الحق العيني المتعلق بالعقار مستقرا ومرتبط بصاحبه وكذلك قيد المنقول في السجلات المعدة له ، بحيث تستقر الأوضاع وبالتالي يبيت الضمان العيني الوسيلة الآمنة لضمان حقوق الدائنين عند تقديم المدين العقار المسجل بإسمه أو بإسم غيره وكذلك حال المنقول عند جعله مال ضامنا لحق الغير .

بقلم الدكتور محمد عويان المحامي بالنقض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى