مقالات

خطبة الجمعة بين النص والواقع… الإسكندرية تطالب بحقها في خطاب ديني يلامس هموم الناس

بقلم الكاتبة الصحفية / شيرين عصام

منذ سنوات طويلة وخطبة الجمعة تُعد منبرًا دينيًا وتربويًا يُوجّه المجتمع ويُسهم في معالجة قضاياه الأخلاقية والاجتماعية. غير أنّ الواقع يكشف عن فجوة واضحة بين موضوعات الخُطب وبين حاجات المجتمع اليومية، خاصة داخل محافظة الإسكندرية التي تشهد أحداثًا متسارعة وتحديات اجتماعية وإنسانية واقتصادية، بينما تتناول كثير من الخطب موضوعات عامة لا تمسّ حياة الناس ولا تلامس مشاكلهم.

وإذا كان الهدف من خطبة الجمعة هو الإصلاح والتوجيه ومعالجة قضايا الواقع، فمن الضروري أن تكون موضوعاتها مرتبطة بحياة المواطن وظروفه، لأن الإسلام جاء ليُصلح واقع الناس لا ليبتعد عنه.

• نفس العنوان لكل المحافظات… رغم اختلاف الأزمات

تعميم موضوع موحد على جميع المحافظات يؤدي عمليًا إلى فقدان فاعلية الخطاب الديني، لأن ما يصلح للحديث عنه في بيئة ريفية لا يعبّر بالضرورة عن تحديات الحياة داخل مدينة ساحلية مزدحمة مثل الإسكندرية.
قضية ارتفاع الأسعار، أو ظاهرة التحرش، أو انتشار المخدرات بين الشباب، أو انهيار الأخلاق على مواقع التواصل — كلها قضايا ملتهبة في الإسكندرية، ولا يمكن تجاهلها لصالح موضوعات لا تعكس الواقع.

إن تكرار الموضوعات العامة دون معالجة مشاكل الناس يجعل الخطب مجرد واجب دوري لا يؤدي رسالته الحقيقية، بينما منابر المساجد يجب أن تكون قوة مؤثرة وقادرة على التغيير.

• الإسكندرية تطالب بصوت واضح

من أجل ردم الفجوة بين المنبر والواقع، نطالب — بكل احترام — المسؤولين في وزارة الأوقاف بإعادة النظر في آلية تحديد موضوعات خطبة الجمعة، على أن يكون لكل محافظة دور مباشر في اختيار القضايا التي تُطرح على المنابر.

ونخصّ بالمطالبة مسؤولي الدعوة في محافظة الإسكندرية بضرورة:

🔹 تحديد موضوعات الخطب بما يتوافق مع احتياجات المجتمع السكندري
🔹 طرح قضايا الواقع بنبرة واضحة وصريحة دون مواربة
🔹 معالجة مشكلات الشباب والأسر والوضع الاقتصادي والسلوكي
🔹 التنسيق مع الوزارة بما يحافظ على إطار الخطاب الديني ومع ذلك يلبي احتياجات المواطنين

الهدف ليس الخروج على السياسة العامة للوزارة، بل تفعيل الخطاب الديني ليصبح مؤثرًا وواقعيًا وقادرًا على تقويم المجتمع.

• منبر المسجد… ليس منصة تكرار بل أداة إصلاح

خطيب الجمعة لا يقود الصلاة فقط، بل يقود المجتمع نحو الفهم والإدراك والوعي.
وعندما يُسلّط الضوء على مشكلات الناس داخل الخطبة، يشعر المواطن بأن الدين يحميه ويشاركه همومه، فيقتنع ويتفاعل ويتغيّر.

أما حين يبقى المنبر بعيدًا عن هموم الناس، يفقد دوره، ويفقد المجتمع إحدى أهم وسائل التربية والإصلاح.

• الرسالة واضحة

إن الإسكندرية — كمحافظة كبيرة ومتنوعة اجتماعيًا وثقافيًا — تحتاج إلى:

خطاب ديني مرتبط بالحياة اليومية

معالجة واقعية لا مجاملة فيها

موضوعات تساهم في تهذيب السلوك العام وحماية الشباب والأسر

وليس من المقبول أن تكون خطب الجمعة في كل محافظات الجمهورية بنسخة واحدة بينما تختلف طبيعة كل محافظة ومشكلاتها وتحدياتها.

نطالب كل مسؤول في وزارة الأوقاف بالنظر بجدية إلى هذا الملف، لأن مستقبل المجتمع لا يُبنى فقط بالقوانين، بل أيضًا بالفكر والوعي والدين.
وإذا أصبحت خطبة الجمعة لسان الواقع، ستتحول المساجد إلى منارات إصلاح حقيقية، وستنعكس آثارها على السلوك والأخلاق والأمن المجتمعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى