مقالات

حين يُعرِّي المواقف الرجال… فهناك من يدهشك شجاعته وهناك من يفضحه جبنه

الكاتبة الصحفية شيرين عصام

في الحياة، لا يحتاج الإنسان إلى سنوات طويلة ليكشف معادن البشر، فالمواقف وحدها كفيلة بأن تزيح الأقنعة وتُظهر الحقيقة كما هي… لا تزييف ولا تجميل.

هناك رجال —حين يحين وقت الحق— يدهشك حضورهم، وشجاعتهم، وثباتهم. لا يخافون لومة لائم، ولا ينتظرون مصلحة، ولا يساومون على ضميرهم. يقفون مع المظلوم، يساندون من يحتاج، ويمدّون يدهم دون حساب. هؤلاء تعرفهم حين تضيق بك الدنيا… وحين يسقط غيرهم في الاختبار، تراهم أول الواصلين.

وفي المقابل… هناك من يمنعه الجبن والخساسة من مد يد العون، لا خوفًا عليك ولكن خوفًا على نفسه. يخشى أن يغضب هذا أو يزعج ذاك، فيتراجع، ويتنصّل، ويتركك وحدك وهو قادر على المساعدة. هؤلاء لا تخذلهم الظروف بل تخذلهم نفوسهم… نفوس مهزومة من الداخل، لا تملك شجاعة الدعم ولا شهامة التدخل.

ودائمًا الطيور على أشكالها تقع؛ فالندالة تؤلّف أصحابها، والخسة تجمع أفرادها. ستجدهم يمدحون بعضهم ويصفون بعضهم بالجدعنة، وهم لا يجتمعون إلا في سلة واحدة… كسلة البيض الفاسد. والعفن الذي في داخلهم يجعلهم لا يشمون نتن بعضهم لأنهم منه… وإليه ينتمون. فلا تجد خسيسًا إلا وقد اصطف إلى جواره من هم على شاكلته، يبررون له، ويدعمون سقوطه، ويصفقون لخذلانه.

أما الفرسان الحقيقيون… فأخلاقهم كأخلاق الخيول النبيلة. لا يهرولون خلف الحق بل يسيرون معه كتفًا بكتف، لا يتركونه ولا يسبقونه، ثابتون على المبدأ، حتى لو ساروا وحدهم. لا يبدّلون مواقفهم ولا يساومون على مبادئهم، فالقيمة عندهم ليست في الكلمات، بل في الصمود.

وهكذا تبقى الحياة مسرحًا يكشف الجميع:

النبيل يُرى في الشدة

والجبان يُكتشف عند الحاجة

والأصيل لا يتغيّر مهما تغيّر الآخرون

لذا، لا تأسَ على من خذلك، ولا تُفاجأ بمن نصرك… فالمواقف لم تُخلق لتُتعبنا، بل خُلقت لتُعلّمنا من يستحق أن يكمل معنا الطريق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى