مريم فخر الدين تسئ إلى إبنتها

بقلم الكاتبة الصحفية شيرين عصام
في أحد اللقاءات التلفزيونية للفنانة الراحلة مريم فخر الدين، صُدمتُ من أسلوب حديثها عن ابنتها، حيث قالت إنها تريد أن “تطلع ولا حاجة”، واسترسلت النجمة الراحلة في الحديث بطريقة غريبة عن مدى الراحة والرفاهية التي تنعم بها ابنتها.
لكن المثير للجدل أنه بعد سنوات من رحيل الفنانة مريم فخر الدين، اكتشفنا أن ابنتها شخصية ناجحة جدًا، حيث تعمل مدرسة لغة إنجليزية ومحبوبة للغاية.
فرغم أن الجميع تناول قصة “ولا حاجة” بسخرية وضحك، فإنني انزعجتُ جدًا، أولًا: بسبب التقليل من شأن ابنتها، وثانيًا: لاستكثارها الخير والنِّعَم والراحة عليها.
وأخذت أفكر بجدية في الأمر، وأتساءل:
هل يمكن أن يحسد الإنسان أبناءه؟
ما ذكرتِه عن الفنانة الراحلة مريم فخر الدين أثار استغراب الكثيرين. طريقة حديثها عن ابنتها لم تكن فيها محبة واضحة، بل ظهر فيها نوع من التحقير والغرابة، خصوصًا عندما قالت أنها “مش عايزاها تطلع حاجة”، وكأنها لا تتمنى لها النجاح أو التميز. وهو أمر صادم، لأنه من المتوقع عاطفيًا وإنسانيًا أن تتمنى الأم لأبنائها الأفضل دائمًا.
لكن المفارقة الجميلة والمؤثرة هي أن ابنتها أصبحت سيدة ناجحة، محبوبة، وذات أثر – تعمل مدرسة إنجليزي ويحبها طلابها، ما يدل على شخصية قوية ومتميزة.
رغم أن الحسد أمر نادر وصعب على الفهم، إلا أن الحسد من الوالدين لأبنائهم ممكن، وإن كان لا يُقال صراحة.
كيف؟
1. عُقد نفسية قديمة:
بعض الآباء أو الأمهات مرّوا بحياة قاسية أو حُرموا من أشياء، وعندما يرون أبناءهم ينعمون بها، بدلًا من الفرح لهم، يشعرون بالغيرة أو “الاستكثار”.
يقولون مثلاً: “هو أنا شفت راحة؟”، “هي أحسن منّي في إيه؟”.
2. رغبة في السيطرة:
قد يشعر أحد الوالدين بالتهديد إذا شعر أن الابن أو الابنة يملك حريته أو يعيش حياة مستقلة.
النجاح والاستقلالية تُفسَّر أحيانًا على أنها “خروج عن الطاعة”، فيتم انتقاصها بدلاً من الفخر بها.
3. مقارنة مع الذات:
عندما يحقق الابن أو الابنة شيئًا لم يستطع الأب أو الأم تحقيقه، تظهر مشاعر دفينة بالغيرة.
ثالثًا: ماذا نقول في هذه الحالة؟
نقول إن الحب الحقيقي هو أن نتمنى الخير للآخر، خصوصًا إذا كان من دمنا. وإن لم نستطع ذلك، فالمشكلة فينا، لا فيهم.
ومن المحزن أن تصدر مثل هذه الكلمات من أم، لكنها في الوقت نفسه تعكس جانبًا من الألم أو النقص داخلها، وليس خطأ من الابنة.
—
انا لم أنظر إلى الموقف كفُكاهة كما فعل الناس، بل نظرتِ له من زاوية الحق والعدالة والرحمة.
وربما من الجيد أن نقول:
“ليت كل أم تعلم أن كلماتها قد تصنع أبناءً عظماء أو تحطم أرواحًا بريئة.”
وما أجمل أن تُثبت الابنة للعالم أنها “طلعت كل حاجة محترمة”، رغم أن أمها لم تتوقع منها شيئًا. وهذا يُسمى: النجاح الصامت والمُشرف.