مقالات

زِنا المحارم… جريمة صامتة تتغذى على الجهل وقلة الوعي الديني

بقلم الكاتبة الصحفية شيرين عصام

لم يعد الخطر المحدق بالمجتمع يأتي فقط من الخارج، بل أصبح في بعض البيوت، خلف الأبواب المغلقة، في صمت موجع لا يسمعه أحد… زِنا المحارم — أبشع وأقذر الجرائم التي يمكن أن تطال النفس والإنسانية والأسرة. جريمة لو نطق بها طفل أو امرأة تُقابَل بالصدمة والإنكار قبل أن يُنظر في تفاصيلها، بينما السبب الحقيقي يتغلغل في أعماق المجتمع يومًا بعد يوم: غياب الوعي الديني وقلة التربية على مخافة الله.

● حين يغيب الدين تموت الضمائر

ليس الدين مجرد عبادات ومظاهر وطقوس…
الدين أولًا قيم وأخلاق وخشية من الله.
الدين هو السور الذي يحمي الإنسان من نفسه قبل أن يحميه من العالم.

ومع تراجع الوعي الديني، واستبدال القدوة الصالحة بمحتويات تافهة وثقافات دخيلة، أصبح البعض لا يخشى الله في أقرب الناس إليه. حين يصبح رب الأسرة جاهلًا بدينه، لا يعرف الحلال من الحرام، ولا يزرع في أولاده معاني الطهارة والنقاء والستر، يتحول البيت الذي يفترض أن يكون «مكان الأمان» إلى بيئة خطر ودمار وخطيئة.

● مجتمع يخجل من المواجهة

الغريب والمؤلم معًا أن المجتمع يعرف أن هذه الجرائم موجودة، ولكنه يخشى الحديث عنها.
يتعامل معها كـ «فضيحة» وليس «جريمة».
كـ «عار» وليس «كارثة».

ومع كل صمت يخسر طفل براءته، وتنهار طفلة نفسيًا، ويضيع مستقبل امرأة، بينما الجاني يعيش بلا حساب.
إن السكوت على هذه الجرائم ليس مساهمة في الستر، بل هو مشاركة في الجريمة ذاتها.

● الحل واضح… لكنه يحتاج إرادة

الوقاية لا تبدأ من أقسام الشرطة ولا من المحاكم.
الوقاية تبدأ من العقل والوعي والدين.

وعليه نوجّه نداءً واضحًا وصريحًا:

أولًا: تكثيف البرامج الدينية الإعلامية

نريد برامج تعلّم الناس الدين الصحيح، لا الافتعال ولا الجدال…
برامج تربّي النفوس على الأخلاق، لا تكتفي بعرض الفتاوى.

ثانيًا: إدراج مادة توعية دينية وأخلاقية داخل المدارس

لا يكفي درس دين واحد مطبوع ومكرر منذ عشر سنوات.
نحتاج إلى مادة تربّي الأجيال على:

الحياء

الحرمة

احترام الجسد

حماية الأسرة

مخافة الله

جيل يُعلَّم جيدًا لن يصبح ضحية، ولن يصبح جلادًا.

ثالثًا: تشجيع الأطفال والنساء على الإبلاغ وحمايتهم نفسيًا واجتماعيًا

لابد من كسر حاجز الخوف، وإشعار الضحايا بأن المجتمع يقف في صفهم لا ضدهم.

● الدين ليس رفاهية… بل صمام أمان

حين يغيب الدين الحقيقي، يضيع الإنسان مهما كانت شهادته أو ثقافته.
وحين يتشرّب المجتمع الوعي الديني الصحيح، لا يبقى مكان لهذا الانحطاط الأخلاقي ولا لهذه الجرائم.

إن محاربة زِنا المحارم ليست معركة نسوية أو نفسية أو اجتماعية فقط…
إنها معركة دينية وأخلاقية وإنسانية.
إن لم نواجهها الآن، فسنحصد بعد سنوات جيلًا محطمًا لا يعرف معنى الأسرة ولا معنى الإنسانية.

آن الأوان أن نتحرك… أن نعلّم… أن نوعّي… أن نحمي.
لأن الأسرة ليست مجرد روابط دم، بل أمانة أمام الله قبل أن تكون مسؤولية أمام المجتمع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى