مقالات

سرقة المقالات… عار على من يفعلها وخيانة للفكر

بقلم الكاتبة الصحفية شيرين عصام

سرقة المقالات المنشورة على الإنترنت أصبحت ظاهرة مزعجة تهدد الإبداع والملكية الفكرية، خصوصًا في زمن تتسارع فيه وتيرة النشر وتداول المحتوى الفكرة بسيطة لكنها خطيرة، شخص يقتبس أو ينقل مقالك أو بحثك أو حتى أفكارك كما هي، ثم ينشرها باسمه دون إذن أو إشارة للمصدر، وكأنها من بنات أفكاره.

هذه الممارسات لا تقتصر على المدونات الصغيرة أو الصفحات المجهولة، بل قد تصل إلى مواقع كبيرة أو حتى منصات إعلامية، مستغلة ضعف القوانين أو صعوبة تتبع الانتهاكات عبر الإنترنت. الأخطر من ذلك أن بعض السارقين لا يكتفون بالنقل الحرفي، بل يعيدون صياغة النصوص بشكل طفيف لخداع أدوات كشف الانتحال، مع الاحتفاظ بروح الفكرة كاملة.

فسرقة المقالات المنشورة على الإنترنت ليست مجرد خطأ أخلاقي، بل جريمة فكرية مكتملة الأركان. هي فعل رخيص يقوم به أشخاص بلا ضمير، يسرقون عرق الكاتب وجهده وعقله، ثم يضعون أسماءهم على ما لم يكتبوه حرفًا واحدًا.

هؤلاء السارقون لا يعرفون معنى الإبداع ولا يملكون القدرة على إنتاج فكرة واحدة من عقولهم، فيلجأون لأسهل الطرق وأحقرها: النسخ واللصق. بعضهم جبان لدرجة أنه يسرق النص كاملًا دون تعديل، والبعض الآخر أكثر خبثًا، فيغيّر بضع كلمات ليخدع القارئ وأدوات كشف السرقة، متوهمًا أنه أصبح كاتبًا!

إن سرقة المقال ليست فقط إهانة للكاتب، بل هي طعنة في قلب المهنة الصحفية، وتشويه لمفهوم الإعلام الحر النزيه. هي أيضًا خيانة للقارئ الذي يبحث عن الحقيقة، فيجد نفسه أمام نصوص مسروقة بلا روح، كتبها من لا يستحق أن يطلق عليه لقب كاتب.

ولمن يبرر هذه السرقة بأنها “مجرد نقل للمعلومة” نقول: المعلومات متاحة للجميع، لكن صياغة الأفكار بأسلوبك الخاص هي ما يصنع الكاتب الحقيقي. أما سرقة النصوص فهي إعلان إفلاس فكري، واعتراف علني بأنك بلا موهبة.

القوانين موجودة، لكن الأهم هو أن يتكاتف الكتّاب والشرفاء لفضح هؤلاء السارقين، ونشر أسمائهم، وحجب مواقعهم، حتى يكونوا عبرة لغيرهم. فالذي يسرق فكرة اليوم، سيسرق وطنًا غدًا.

الأضرار متعددة:

إهدار حق الكاتب في نسب أعماله إليه.

تدمير الحافز على الإبداع، لأن الجهد يمكن أن يُسرق في لحظة.

تشويه المعلومة إذا تم التعديل عليها دون فهم.

الإضرار بالمصداقية الإعلامية، حيث تختلط الأصوات الحقيقية بالمزيفة.

التصدي لهذه الظاهرة يتطلب وعيًا مجتمعيًا وقوانين صارمة لحماية الملكية الفكرية، مع تشجيع المنصات على تتبع المحتوى المسروق وحذفه. كما يجب على الكُتاب وضع بصماتهم بطرق ذكية، مثل التوقيع الرقمي أو نشر أجزاء من أعمالهم على منصات موثوقة أولاً.

في النهاية، سرقة المقالات ليست مجرد اعتداء على نص مكتوب، بل هي سرقة للوقت، وللفكر، وللجهد الإنساني الذي لا يُقدّر بثمن. المحتوى الحقيقي له روح، والسرقة قد تنسخ الكلمات، لكنها لن تنسخ الإبداع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى