مقالات

حلم عمرى.. بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة

حواء هى القوية بضعفها، المنتصرة بانكسارها. كالشجرة هى لا تحْجب ظِلَّها حتى عن الحطابِ.
لكن لماذا الحب ليس كاملاً؟
يفصل المقال بين مفهومين من المفروض ألاّ يلتقيا في ثنائي واحد. ذلك أنّ الحبّ يحلم فقط، في حين أنّ العدالة تحاسب وتعاقب. وذلك أنّ الحبّ عطاء بلا حدود لكنّ العدالة ميزان وشهود. وفي حين لا يملك المحبّ غير حلم صغير، فإنّ صاحب العدالة يملك الواقع كلّه.

وأنا لا أبحث عن الكمال في الحب، فأنا أعلم أن الكمال غير موجود . الحب الحقيقي هو أن نكون معًا يومًا بيوم، بكل عيوبنا وصراعاتنا. الحب الحقيقى هو أن تقبل عيوب الأخر وتكون بكامل رغبتك على استعداد للتكامل معه. هذا هو بناء حياة، ليست مثالية، بل ذات معنى وأصالة.

حواء التى أريدها هى إمرأة ناضجة، علمتها الأيام كما علمتنى، الحب عندها هو سر طاقتها، تتصل بي ساعات مطولة ، تمنحنى الشغف تجاه كل شيء…
تعترف بالحب وبأهميته ،
نعيش معاً بسلام على ضفة الحياد ، منعمين بفردوس حب يدفء قلبينا، تغازلني وأغازلها ، تهتم بتواريخى كأعياد الميلاد و يوم لقائنا الأول ويوم خطوبتنا ويوم زفافنا . يكفينى أن تبتسم بوجهي كهدية، لا تتعبها مزاجيتي ، ولا تنزعج من تصرفاتي القاسية القصيرة ، فهي تعلم أن جذورها بي راسخة ، وأن المتغير هو مزاجي فقط
ولن تتعبني عفويتها ، سأتقبلها إن استيقظت بمزاجٍ كدر ، بشعرٍ مبعثر ، دون أن تقول لي صباح الخير ، سأتقبلها إن لم ترتب سريري وتركها لغرفة نومي مبعثرة . نتشارك الإهتمامات الحقيقية لا الكلمات المبتذلة.

أريدها شريكة درب وعمر ..
تعينني على مصاعب الحياة وأيامها، تكون صديقتي قبل أن تكون حبيبتى وزوجتى.
أريدها إمرأة العواصف لا الطقس العادي ! حنونة و قوية ، اريد ان افتخر بها قائلاً تلك الرقيقة هي كل جيشي.
حواء حبيبتى هى عقدة لم تحلها الأيام وستبقى غير محلولة، هى باب ضاعت مفاتيحه وستظل بابًا موصدًا يحجب وراء مصراعيه تفاسير الأزمنة الغابرة وأسرار الأزمنة الحالية وتنبؤات العصور الآتية.

هى صرخة تخترق غلاف الأثير، تتكلم وهي صامتة وتعطي وهي تتسول.
بينَ الجُبنِ والتهوّرِ منزلةٌ حواء محبوبتى فهي الشجاعةُ والإقدامُ، وبينَ البُخلِ والإسرافِ منزلتها فهي الكرمُ، وبينَ العجزِ والجهلِ منزلتها فهي الحكمةُ.
أريد منها الونس، ذلك الشعور الذى يُحلّي الدنيا ويهون التعب وقسوة اللحظات. الونس الرؤوف، عكازى فى الحياة، الروح التى تردّ لى الروح. إن احتياجى للونس الصادق
احتياج لا يقل عن الاحتياج للأكل والشرب.

الونس معها في الصُّحبة وفي الكلام وفي الطريق وفي الحكاية. الونس هو الدفء، والطبطبة،واللمة المريحة، والحُضن علي غفلة، والكلام الحلو، والضحكة النابعه من القلب.
الونس هو المتكأ قبل أن أقع دون مُقابل. أريدها أن تؤمن بى، فتكون لى داعمه، تضاعف طاقتى وتزيد إمكانياتى، وتسهل حركتى وتشعل شغفى، أريدها بتلقائيتها أن تكتشف ما بداخلى من هبات لا أدرى أنا عنها شيئاً.

الونس يُقبل عليك حين تُدبر عنه، ويتمسك بك حين تفلت يده، و يُداويك حين تعجز أن تداوي نفسك، وينير عتمة روحك بودّه، ويراك بعين مُحبة ترى كل الخير فيك..
الإمام ابن الجوزي يحكي في كتابه صيد الخاطر عن الوَنس أن شخص واحد فقط مؤمن بحقيقتك قادر على مساعدتك للتحول لأفضل نسخة منك.
وكما قال فؤاد حداد: “حِمل الليالي خفيف لما يشلوه إتنين”. فاللهم إرزقنا الونس
واجعلنا سببًا للونس.

الونس حواء وحواء هى الونس حين تكون حواء بحر انوثة عميق، لكن إحذر من أمواجه إن لم تكن تجيد السباحه.
حواء حبيبتى هى القصيدة الصماء التى لن ولم يفهمها إلا الذواق. فهي النبتة التى كلما اغدقت عليها بالحب والاهتمام ازدادت أنوثتها
حواء التى أريدها هى أنثى
تجمع كل مراحل العمر في سلة واحدة، مجنونة حين تحب وطفلة حين تبكي
وناضجة ًعند المواقف الصعبة، ‏جميلة كالسلام، قوية كالحرب، رقِيقة كالخيال، عنيدة كالقَدر، عاقِلة كالمنطِق، عظيمة كالتارِيخ وجريئة كمقاتل يدافع عن أرضه وأنا أرضها وكل ما لها أو هكذا تشعرنى باحتوائها لى.

تحرقنى على نار هادئه بنظرات عيونها، هِي أنثى إغريقية الهوى فرعونية العشق بابلية الإحساس وشامِية الشعور ومغربية القوة.
إن إِبتسمت وجدت ألف كوكب يدور حولها. عن سيدة النساء اتحدث وما أدرك عن عشق حبيبتى وجمال حبيبتى.

جميعكن نور الحياة. فمعجب الوردة قاطعها
أما المحب فساقيها. وانا ساقيها.
إن تحتضن زوجتك في لحظات الصفا فهذا تقدير ، أما الفضل فهو ان تحتضنها وترفق بها لو أن هناك مشكلة بينكما. ان تخرج للتنزه مع زوجتك حين تريد هى هذا فهذا تقدير ، أما الفضل فهو حين تأخذ أجازه من عملك وتفاجئها في المنزل بأنك خصصت وقت لها للسفر والتنزه.

حين تشكر زوجتك إذا ما طهت لك وجبة شهية فهذا تقدير ، أما الفضل هو أن
تُكن لها نفس المشاعر والامتنان حين تفتح عيونها صباحاً أو قبل نومها أخر اليوم. أن تغازل زوجتك وهي في قمة اناقتها فهذا تقدير ، أما الفضل يكون حين تغازلها وهى فى ثوبها العادى وقت ترتيب المنزل ومذاكرة الأبناء وغسل الأوانى. وانت حين تقوم بواجبات زوجتك المنزليه وهي مريضه فهذا تقدير ، أما الفضل أن تساعدها وهى فى كامل صحتها.

فالتقدير أفعال ضرورية يبذلها المحب لحبيبته لأنها من حقها، أما الفضل فهو اهتمام واجتهاد منك لإرضاء حبيبك، تصرف تفعله بحب لكى تروى شجرة الحب بينكما فتؤتى ثمارها.
رسالة لكل زوجه وزوج الطبطبة ليست عيب. الكلمة الحلوة لا تزيدهن غروراً ولا تغرهن. الإهتمام لا يحتاج لمجهود أو غنى. الحياة لكى تستمر تحتاج إلى فن التجاهل عن بعض المواقف.

أحسنوا النوايا. التفاصيل والإهتمام بها يصنع المعجزات. أقوي حب يموت بالإهمال وعدم الإحترام. العشرة الطيبة ربما تكون أقوي في الحب من الرومانسية غير الناضجة.
الحب ليس كلام فقط، فنجاح أي علاقة يحتاج لمجهود من الطرفين. تجنب المقارنات والعند والتمسك بالرأى. الحياة تكامل
كلمة “تسلم إيدك” ليست صعبة. كلمة “ربنا يخليك لنا” ليست صعبة. اسمعها حتي لو كلامها ليس مهم بالنسبه لك. اعتذر لو غلطان. أبتعد عن دور الضحية. الأناقة ليست فى الملبس فقط ولكن فى التعامل داخل البيت بين الزوج وزوجته. كثرة الخصام تصنع فجوة بين أي اثنين و بالوقت يصبح الأمر عادي!

اتغير من أجل حبيبك وتقبل الاختلافات. يا حواء تذكرى دائماً أن الحور العين تستقبل أزواجهن في الجنة بأجمل الأصوات ويرحبن بهم قائلات: “طالما انتظرناكم، فنحن الراضيات فلا نسخط، والمقيمات فلا نظعن، والخالدات فلا نموت”. كما تُظهر الروايات أنهن يعانقن أزواجهن فور وصولهم، فيمتلئ المكان بعطرهم، وتُظهر الحور العين لهن الفرحة الشديدة والفرحة العارمة عند رؤيتهن

ورد في السنة النبوية أن الحور العين يعرفن أزواجهن من المؤمنين في الدنيا ويشعرن بهن. فعن طريق حديث شريف، ورد أن الحوراء تقول لزوجة الرجل في الدنيا: “لا تؤذيه، قاتلك الله، فإنما هو دخيل عندك يوشك أن يفارقك إلينا”. وهذا يدل على أن الحور العين على علم بحال الزوج في الدنيا، وأنهن ينتظرن وصوله إلى الجنة.
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما، ولملأت ما بينهما ريحا، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها رواه البخاري (2643).
إن كنت لا تعترف بفضل حواء فلا حاجة لك أن تقرأ مقالى . فالسلام لا يُفرَض على من حُرِمَ العدل، فكيف يُطلَب الحوار ممَّن يعيش في خوف، وكيف يُنتظر من الجائع أن يتأمّل زرقةَ السماء وهو يبحث عن كسرةِ خبز. وأنا إن كتبت عما لا تستهويه نفسك فإنى كمن يرسل حمامةَ سلامٍ إلى جائع، فإنه سيأكلها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى