وَفينا قَبَسٌ مِنَ الأَمَلِ .. بقلم عائشة أمين

نَحيا دائمًا وَفينا قَبَسُ مِن الأَمَلِ، لأن من أراد السعادة في دُنياه لا بدّ أن يُرضي قلبه بِاليقين، ومن أراد الرضا فلا بُد أن يسكنهُ الأمل، فَالأمل في اللّٰه حياة، وَاليقين بهِ نجاة.
تُراودني أحيانًا أفكار مُظلمة، لحظات ضعف تُشعرني وكأن المُستقبل ضبابي، وكأن الأبواب جميعها مُغلقة، وكأن لا شيء يُبشر بخير…
لَكن سُرعان ما أستفيق من غفلتي، وأتذكّر أن لي ربًا كريمًا لا يخذل، حليمًا لا يُعجّل، رحيمًا لا ينسى، عظيمًا لا يُعجزه شيء.
يا إلهي أستسمحك أن تُسامحني على لحظة شكٍ ضعيفة، أو ظنٍّ لم يرقَ لِمقامك، على خوفٍ نسي أنك الأمان، وَعلى وجعٍ غفل أنك الشِفاء.
تذكّرت قولك: “ونحن أقرب إليه من حبل الوريد”، فَاستحييت من بُعدي، من غفلتي، من شتاتي.
كم أنت قريبٌ يا إلهي تسمع الصُوت الخافت فينا قبل أن نُفكّر به، وَتعلم ما تُخفيه الأرواح من حزنٍ وهمٍّ وتعب، فَكيف لنا أن نيأس وبابك لا يُغلق؟!.. كيف نضيق وعندك الفرج؟!.
لقد تعلّمت يا إلهي دروسًا عَظيمة حين رأيت بذور النبات، تلك التي وَضعتها بيدي، تنمو وتُزهر بإرادة الرَحمن، تخرج من باطن الأرض بِكل عناد لِلحياة، وتكبر يومًا بعد يوم دون كلل.
تعلّمت حين رأيت عصفوري الصغير يكبر أمام عينيّ، ويبدأ في التغريد بصوتٍ عذبٍ يملأ الأركان دفئًا وَبهجة.
تعلّمت الأمل من هَذا الليل الطويل، حين أدركت أن بعد كل ظلام هُناك نور، وبعد كُل غروب شروق، وَتذكّرت قول الرحمن: “والصبح إذا تنفّس”، فكيف لا يتنفّس قلبي رجاءً؟!
كُل هذهِ المشاهد البسيطة، التي يمر بها البعض دون توقف، علّمتني أن اليأس لا يليق بِمؤمن، وَأن السوداوية لا تسّكُن قلبًا يعمرهُ الإيمان.
علّمتني أن اللّٰه لا يغلق بابًا إلا ليفتح ألفًا، وَلا يبتليك إلا ليطهّرك، ولا يؤخّر أمُورك إلا ليُهذّبك ويُعدّك لما هو أعظم.
فأقسم أني بعد كُل هذا، لم أعد أرى العالم بعينٍ يائسة، بل بعينٍ ترجو وَتطمئن وتوقن أن الخير قَادم لا مُحالة، لأن اللّٰه رحيم.




