سبحان الفارق بين الأثنين… حين يكشف لنا الله معدن البشر في لحظة

بقلم الكاتبة الصحفية شيرين عصام
أحيانًا لا يحتاج الإنسان إلى سنوات طويلة حتى يكتشف حقيقة من حوله،
فالمواقف وحدها قادرة على أن تزيح الأقنعة وتُظهر الجوهر،
وتكشف لنا من يستحق البقاء… ومن يستحق الحذف من الحياة بلا رجعة.
تعرّضت لموقف ترك أثرًا كبيرًا بداخلي.
شخص لا أعرفه إلا كصديق على “الفيس بوك” فقط — وتم حذفه بنجاح طبعًا —
وجد نفسه في مكان جمعنا صدفة ، وظل يمرّ بجانبي مستهزئًا وساخرًا وكأنه يعرفني جيدًا،
بينما أنا لا أتذكر اسمه ولا حتى ملامحه.
وبعد أن ضقت بكلامه وسخريته، سألته بكل هدوء:
“اسم حضرتك إيه؟”
ليس بدافع الفضول، بل لأتمكن من حذفه نهائيًا من حياتي، الافتراضية والواقعية.
وفي المقابل، وفي المكان نفسه، كان هناك شخص آخر…
لم أرَه من قبل، ولم يعرفني من قبل،
ومع ذلك وقف بجانبي، حاول أن يساعدني، مدّ يد العون دون مقابل،
فكان إنسانًا بمعنى الكلمة.
سبحان الخالق… الفارق بين الاثنين هائل كالفارق بين النور والظلام.
ذلك الموقف أنهك أعصابي رغم بساطته، لأنني بطبيعتي أحب أن أنشر طاقة إيجابية لكل من يحيطون بي.
إيماني الدائم أن نعم الله تحيط بنا، وأن لكل إنسان ابتلاء في حياته،
ابتلاء قد لا نراه ظاهرًا، لكنه موجود، وربنا وحده يعلم قدرة كل نفس على تحمله.
والحياة لم تكن يومًا عادلة تمامًا؛ فلا أحد يرتاح فيها كامل الراحة.
لكن رحمة الله دائمًا تُرسل رسائل صغيرة عبر أشخاص أو مواقف،
تخفف عنا وتساعدنا على الاستمرار.
في وسط مئة شخص، قد نجد شخصًا أو اثنين فقط…
جاء بهم الله ليكونوا لطفه الخفي.
وفي لحظات العتمة، يتسرّب شعاع نور بسيط — لكنه قادر على أن ينقذ روحًا متعبة.
فتمسكوا بهذا الشعاع، ودعوه يكون الشمس التي تنير الطريق مهما اشتدت الضغوط.
حتى إن تعثرتِ، حتى إن خذلك الناس، حتى إن أثقلتك الظروف…
قومي وكرّري المحاولة ما دام فيكِ نفس.
فالله سبحانه وتعالى لا يحمّل نفسًا فوق طاقتها،
وعدله لا يغيب، حتى إن غابت عدالة البشر.
تذكري دائمًا:
من يجرحك أو يسخر منك لا ينتقص منك، بل يكشف عمّا بداخله.
ومن يمنحك الخير دون انتظار مقابل إنما هو رسالة حب ولطف من الله.
وبعد كل الألم… هناك لطف.
وبعد كل ضيق… باب يُفتح.
وبعد كل امتحان… تولد منا نسخة أقوى وأنقى.
وفي نهاية المطاف، ستأتي الأشياء من تلقاء نفسها دون أيّ جهد…
أو سترحل إلى الأبد رغم كلّ الجهود.




