المزايدة بالدين… أبشع أشكال الخداع

بقلم الكاتبة الصحفية شيرين عصام
أخطر ما أصاب مجتمعاتنا ليس الانحلال، بل التدين الزائف، حيث تحولت الأخلاق إلى لافتة، والدين إلى أداة استعلاء، والموعظة إلى سلاح لتجريح الناس والسيطرة عليهم.
فترى من يرفع صوته بالفضيلة، بينما سلوكه اليومي يفضحه، ويكشف خواءه الأخلاقي.
هؤلاء لم يفهموا الدين، أو تعمدوا تشويهه.
قال الله تعالى:
﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ﴾
وقال سبحانه محذرًا من الرياء:
﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ • الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ • الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ﴾
المزايد لا ينصح، بل يتحكم، لا يُصلح، بل يُدين، لا يحب الخير للناس، بل يحب أن يبدو أفضل منهم.
يتلذذ بتصيد الزلات، ويُسرف في اتهام النوايا، وكأن الله فوّضه بالحساب والعقاب.
وقد قال رسول الله ﷺ:
«إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر» قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء»
فالرياء ليس ذنبًا بسيطًا، بل خطر يهدم العمل كله من أساسه.
الدين لم يكن يومًا مظهرًا، ولم تُقاس التقوى بطول لحية أو شكل لباس.
قال النبي ﷺ:
«إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»
وقال أيضًا:
«الدين المعاملة»
وما أكثر من أساء المعاملة وهو يرفع راية التدين.
لو انشغل كل إنسان بتقويم نفسه، وتربية أولاده على القيم الحقيقية،
بدلًا من مراقبة الناس، واحتقارهم، واتهام أخلاقهم،
لصلحت البيوت قبل أن تتصدع المجتمعات.
قال الله تعالى:
﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا • وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾
التزكية للنفس، لا لتلميع الصورة أمام الخلق.
وما أقبح من ينهى عن خلق، ويمارسه،
وما أسوأ من يدّعي الطهارة ولسانه يؤذي، وعينه تترصد، وقلبه ممتلئ حقدًا واستعلاءً.
قال رسول الله ﷺ:
«ربَّ أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبرَّه»
فالقيمة عند الله ليست فى الشكل ولا فى الضجيج، بل فى الصدق والخفاء.
من لم ينجح فى تربية نفسه،
فلا يحق له أن يُحاكم الناس.
ومن كان دينه رياءً،
فليعلم أن الله لا يُخدع،
وأن الفضيلة لا تُعلن… بل تُعاش.




