تعمير سيناء… درع مصر في مواجهة الأطماع الخارجية

✍️ الكاتبة الصحفية شيرين عصام
سيناء، تلك الأرض المباركة التي ارتوت بدماء الشهداء، لم تكن يوماً مجرد بقعة جغرافية، بل كانت ولا تزال خط الدفاع الأول عن أمن مصر القومي، وبوابة العبور بين الشرق والغرب. وإذا كانت الحروب قد أثبتت أن من يسيطر على سيناء يملك مفتاح الأمن لمصر، فإن تعميرها هو السلاح الحقيقي لمواجهة أي أطماع خارجية تحاول التسلل إلى هذه البقعة الغالية.
إن التعمير ليس مجرد بناء طرق أو إقامة مشروعات زراعية وصناعية، بل هو في جوهره إستراتيجية أمن قومي، تحوّل الأرض من فراغ يسهل اختراقه إلى قوة نابضة بالحياة يصعب المساس بها. فكل منزل يُبنى، وكل مزرعة تُزرع، وكل مصنع يُشيّد، هو بمثابة جندي ثابت على الأرض يحميها دون سلاح.
وقد أدركت الدولة المصرية هذه الحقيقة جيداً، فبدأت خلال السنوات الأخيرة خطة شاملة لإعادة إعمار سيناء عبر:
إنشاء مدن جديدة متكاملة مثل مدينة رفح الجديدة وبئر العبد الجديدة.
تنفيذ مشروعات زراعية عملاقة لزراعة مئات الآلاف من الأفدنة وتوفير فرص عمل للشباب.
مد شبكات طرق وكباري تربط سيناء بالوادي والدلتا، ليشعر المواطن أن سيناء جزء حي من الوطن وليست جزيرة معزولة.
إقامة مشروعات صناعية وموانئ لتكون سيناء مركزاً اقتصادياً إقليمياً منافساً.
لكن التحدي الحقيقي يكمن في زيادة الكثافة السكانية، فالأرض وحدها بلا بشر لا يمكنها ردع أطماع المعتدين. إن جذب مئات الآلاف من الأسر المصرية للعيش والعمل في سيناء هو الضمانة الحقيقية لتحصينها. هنا يتحول المواطن إلى جدار حماية، والانتماء إلى درع أقوى من أي سلاح.
ولأن الأطماع في سيناء لم تنقطع منذ عقود، فإن تعميرها لم يعد خياراً تنموياً فقط، بل ضرورة مصيرية تفرضها الجغرافيا والتاريخ والواقع الدولي. فمن يترك سيناء خاوية، كأنه يفتح الباب لمن يتربص بها، ومن يعمرها يبني سوراً منيعا يحمي مصر كلها.
إن تعمير سيناء ليس واجب الدولة وحدها، بل مسؤولية وطنية مشتركة، تحتاج إلى تضافر رجال الأعمال، والشباب، والعلماء، والمجتمع المدني. فسيناء لا تستحق منا سوى أن نجعلها واحة عمران وحياة، تحفظ دماء الشهداء، وتؤمن المستقبل، وتغلق الباب أمام كل الأطماع.