مقالات

ليس كل “كلام الناس” هراء

بقلم الكاتبة الصحفية شيرين عصام

في بلد اعتادت فيه الشائعات أن تتنفس بين الناس كما يتنفسون، تعيش مصر مفارقة فريدة: ما يُقال على سبيل النكتة أو الحذر، قد يُصبح في لحظة ما خبراً رسمياً على صدر الصفحات الأولى. بعض الشائعات كانت تُضحكنا، وبعضها أثار الذعر، لكنها جميعًا… صارت واقعًا موثقًا.

شقق لا يسكنها أحد.. لكنها تراقب الجميع

طالما سمع سكان بعض الأحياء الهادئة عن “الشقة اللي منورها دايمًا”، تلك الشقة التي لا يخرج منها أحد ولا يدخل إليها ضيف. كانت الألسنة تهمس بأنها تابعة للأمن، لكن دون دليل. حتى جاء الوقت الذي ظهرت فيه تقارير وقضايا تؤكد وجود شقق للمراقبة والمتابعة الأمنية بالفعل، تُستخدم في رصد المطلوبين والإرهابيين.

الآثار.. تُهرب في حقائب الدبلوماسيين

منذ سنوات، كان البعض يردد بأن تهريب الآثار يتم عبر الحقائب الدبلوماسية التي لا تُفتش. كان كلام المقاهي والسائقين يدعو للسخرية… حتى ظهرت قضية حسن راتب، وتكشفت معها مافيا تهريب آثار على أعلى مستوى، وأصبحت الحقيبة الدبلوماسية حقيقة مُخيفة في أعين المصريين.
مافيا الامتحانات.. و”شاومينج” الذي لم يكن يمزح

“الامتحان هيتسرب قبل اللجنة بساعتين”… هكذا كان الطلاب يتحدثون، فيُتهمون بالمبالغة. لكن ما حدث لاحقًا كان أشبه بمشهد من فيلم بوليسي، حين تم تفكيك شبكات كاملة لتسريب امتحانات الثانوية العامة، من داخل الوزارة نفسها، وبعضها كان يُدار عبر صفحات مثل “شاومينج بيغشش ثانوية عامة”!

الكفتة التي تصرخ

هل أكلت يومًا من مطعم شعبي ثم شعرت بشيء غريب في الطعم؟ كثيرون رددوا شائعات عن لحوم مشبوهة تُقدم للمواطنين، لكن المدهش أن حملات الرقابة كشفت بالفعل عن مطاعم تبيع لحوم قطط وكلاب، وأحيانًا لحوم نافقة مُتبلة بطريقة احترافية تخفي الرائحة!

العاصمة الجديدة.. حلم صار خرائط

حين أعلن الرئيس السيسي عن العاصمة الإدارية الجديدة، سخر كثيرون، وقالوا: “يعني هننقل مصر كلها؟”. لكنهم لم يعلموا أن الخرائط كانت تُرسم، والطوب يُرصف، والمكاتب تُنقل. اليوم، نرى الوزارات وقد بدأت العمل فعليًا في مدينة ولدت من رحم التشكيك.

الطماطم المرشوشة.. لم تكن بريئة

“خلي بالك، الفاكهة دي مش طبيعية”.. تحذيرات كانت تُقال بلا سند. إلى أن خرجت تقارير رسمية تفضح استخدام مبيدات محظورة، وتسببت في رفض شحنات تصديرية من السوق الأوروبية والخليجية، مما أجبر الدولة على إعادة هيكلة منظومة الزراعة التصديرية.

أوراق السحر في فناء المدرسة

هل يعقل أن تجد في مدرسة ابتدائية عملاً سحريًا مدفونًا؟ نعم، حدث ذلك. وتم الإبلاغ عنه في أكثر من محافظة، من بينها قنا وسوهاج، حيث تم العثور على طلاسم ودماء وورق مدفون، ما أعاد الجدل حول السحر والشعوذة في المجتمع المصري.

ما بين السخرية والدهشة، لا يمكن لأحد في مصر أن يُهمل الشائعة، فقد تتحول إلى بيان رسمي في اليوم التالي. ربما نحتاج إلى عقلية تحقق، لا عقلية تكذيب مطلق… فليس كل “كلام الناس” هراء، بل قد يكون الحقيقة التي تسبق إعلانها الصحف بخطوة!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى