مقالات

الوطنية لا تُقاس باللافتات ولا تُمارَس عبر شعارات

بقلم الكاتبة الصحفية شيرين عصام

تتداول بعض الجهات دعوات للتظاهر أمام السفارة المصرية في تل أبيب، بزعم التعبير عن رفض سياسات الدولة أو الاعتراض على مواقف معينة ورغم أن حق التظاهر مكفول في كثير من النظم، فإن مكان التظاهر وسياقه يفرضان علامات استفهام كبرى.

أن تُرفَع دعوات للتظاهر أمام السفارة المصرية في تل أبيب، فذلك ليس تعبيرًا عن الرأي، بل خيانة صريحة تحت لافتات زائفة فمتى كانت تل أبيب منبرًا للنضال الوطني؟! ومتى صار التظاهر على أرض دولة احتلال، تلطخت أيديها بدماء العرب، وسيلة للإصلاح أو الضغط السياسي؟!

إن من يدعون للتظاهر هناك لا يسعون لإصلاح ولا حرية، بل يبيعون موقفهم الوطني في بازار المزايدات، ويضعون أيديهم في يد عدوٍ تاريخي، طعن الأمة مرارًا. هؤلاء لا يملكون من الشجاعة إلا الصراخ من الخارج، ولا من الوطنية إلا الشعارات المعلبة.

مصر لا تُدار من شوارع تل أبيب، ولا تقبل إملاءات من الخارج، ولا تلتفت لمن يرفعون رايات “الحرية” على أرصفة التطبيع والعمالة. من أراد الإصلاح، فليبدأ من الداخل، ومن أراد النقد فليتحدث من أرضه، لا من عواصم العدو.

الوطن لا يُنصَر عبر بوابات سفاراته في الكيان الصهيوني، بل يُهان. ومن يقف هناك تحت أي ذريعة، فهو إما جاهل أو عميل، وفي الحالتين لا يستحق أن يُسمع له صوت.

فمصر، بتاريخها الوطني ومواقفها الثابتة، لم تكن يومًا تابعة لضغوط خارجية، ولا خضعت لصيحات الشارع في عواصم أخرى لتحديد خياراتها السيادية. والتظاهر أمام سفارتها في دولة احتلال – كإسرائيل – لا يُعد فقط تعبيرًا عن الرأي، بل يحمل دلالات سياسية شديدة الخطورة، تُسيء لرمزية الدولة المصرية أكثر مما تعبر عن احتجاج نقي.

إن هذه الدعوات، أياً كانت نواياها، تفتقر إلى البُعد الوطني، وتبدو وكأنها تصب في مصلحة أطراف تسعى لتأزيم المشهد، لا لإصلاحه. فالساحة الداخلية المصرية لها أدواتها وآلياتها للتعبير والضغط والتقويم، وليس من المنطقي أن يكون التظاهر في دولة معادية سابقًا، ذات سجل دموي بحق الفلسطينيين والعرب، هو الوسيلة الأنسب لطرح مطالب “إصلاحية”.

الوطنية لا تُقاس باللافتات، ولا تُمارَس عبر شعارات تُطلق في شوارع تل أبيب، بل تُثبت بالفعل، والحوار، والحفاظ على هيبة الدولة في وجه من يريدون النَّيل منها من داخلها أو خارجها.

كان الله فى عون مصر و المصريين و حفظ الرئيس عبد الفتاح السيسي و أهل مصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى