مقالات

من القلب..”حنان الأب” بقلم د/ مها علي دليور

إلى أبي،سندي و قوتي، سبب وجودي بعد الله… أتتذكر؟ منذ صغري والرحمة  والحزم يتصارعان في نظرة عينيك عندما أخطئ؛ فتكون في حيرة ما بين احتضاني و اللوم علي، فتفوز الرحمة وتوجهني برفق، لم تبخل أبدا لبذل عمرك من أجلنا، شبابك آخر ما فكرت فيه أمام مصالحنا، ضحيت بكل طموحاتك لتحقيق أحلامنا….
ما بيدك لم يكن لك يا أبي، بل كان لنا. تتذوق الطعام فقط حين يمتزج بلعابنا و نشعر بحلاوته حين ترى الرضا في أعيننا….
أتذكرك يا أبي عندما علمت بمرضي، ضاقت بك الأرض بما رحبت، و اسودت الدنيا في وجهك، و جُبْت البلاد بحثا عن علاجي، طرقت كل الأبواب و سألت كل الأبدان بحثا عن أي أمل و لو كان سرابا؛ فتسير وراءه بلا تفكير لتراني بصحتي كما كنت…
أتذكرك يا أبي وقت حزني كنت تختلق المواقف لتضحكني، و تحاول تبديد همي وتحسين نفسيتي لتعيد البسمة إلى وجهي…
أتذكرك يا أبي وقت تعثري في حياتي؛ لا تبخل علي بالنصيحة و التوجيه و تعيد و تكرر حتى أتعظ، و تحكي لي مواقف مرت عليك في ماضيك لتخرج لي ثمرة خبرتك، و تتأكد أن المعلومة قد وصلتني…
أتذكر دلالك الذي غمرتني به و أنا في كنفك، و المكافأة التي أخذتها من عملك و وزعتها علينا بالتساوي لنفعل بها ما نشاء…
أتذكرك يا أبي و أنت تمشط لي شعري و تتفنن في أشكال التسريحات…. أحبك يا أبي
و بالتأكيد… لن تتسع كلماتي لذكر فضلك علي، و لن تتسع كلماتي أيضا لذكر جحودي و نكران جميلك، ذلك المعروف الذي كنت تراه فرضا عليك، و لكنك زدت على الفرض سننا و ألزمت بها نفسك، حتى اليوم وقد شققت طريق حياتي؛ تشغل نفسك بي و تحمل همي…
سلام عليك يا أبي يوم ولدتك جدتي التي ورثتك الحنان على أولادك و العطاء بلا مقابل.
سلام عليك يا أبي يوم زعزعت أحلامك لتثبت أركان حياتنا.
سلام عليك يا أبي يوم قابلت جحودي بصدر رحب حتى عدت إلى صوابي.
سلام عليك، يا خير أب…
د/ مها علي دليور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى