من القلب.. “لحظات الطفولة” بقلم د/ مها علي دليور

تمر بنا مواقف كثيرة على مدار حياتنا تتخزن في ذاكرتنا تؤثر فينا وتكون شخصياتنا، ولكن؛ ذكريات الطفولة هي الأشد تأثيرا قي الإنسان، و التي تحدد مستقبله بشكل ملحوظ بلا شعور منه، ترى بعض الناس يسرحون بخيالهم يتغزلون في موقفهم الطفولية و علاقاتهم ويتحاكون بها في أي مجلس مع رفقائهم القدامى و يتباهون بها أمام من يفوته تلك اللحظات، و آخرون يبتعدون كل البعد عن استرجاع أي لحظة تعيد لهم طفولتهم، و هؤلاء لا يعانون من فقر أو حرمان أو فقدان شيء مادي وإنما مروا بطفولة وحيدة، بعيدة كل البعد عن البراءة و اللهو و اللعب، عانوا من تجاهل وإهمال من آبائهم نتيجة لانشغالهم بما يدعونه توفير حياة كريمة لأبنائهم، أو تحملوا مسئولية أكبر من إدراكهم، عوتبوا على ما لا علاقة لهم به، لم يعاملوا بقدر سنهم، تحملوا أعباء نفسية رغما عنهم لدفعهم إلى التميز و النجاح الذي لا حدود له، حرموا من ممارسة هواياتهم من أجل تحقيق آمال آبائهم، لم يتمتعوا بالمدح و ابتلوا بالمقارنة الغير متكافئة.
هؤلاء الأشخاص مهما بلغوا من النجاح و حققوا من الانجازات ستظل طفولتهم المشوهة مطبوعة على شخصياتهم، و يظهر ذلك في تعاملاتهم العنيفة مع الناس وتقبلهم للأمور بطريقة حساسة وهذا يجعلنا كأولياء أمور نرفق بعيالنا الذين رزقنا بهم ولا نحقق أمانينا في شخصهم بل نكون قدوة تحفر في ذاكرتهم لآخر عمرهم.
د/ مها علي دليور