مقالات

“الناير” بقلم الأستاذة سمية شرحبيل

الناير”،”ايض يناير”،”ايض سكاس”,”حاكوزة”

كلها أسماء أطلقت فيما مضى و لازالت على رأس السنة الأمازيغية والذي يصادف يوم الرابع عشر من شهر يناير من كل سنة. و يعد هذا اليوم في الذاكرة التراثية الشعبية الأمازيغية المغربية ، يوما مباركا لأنه يمثل اليوم الأول في السنة الفلاحية .
و للاحتفال بهاته المناسبة دلالات تاريخية و ثقافية يصر أمازيغ المغرب و شمال افريقيا على التشبت بها و إحيائها بعدد من الطقوس الاحتفالية. و ذلك عن طريق إعداد كم متنوع من الأكلات التقليدية المتنوعة الأصيلة و المتجذرة في القدم.

ومن بين تلك الأكلات، عصيدة “تكلا” و هو طبق يعد من دقيق الشعير أو دقيق الذرة  ويزين بالفواكه الجافة و يقدم مصحوبا بأودي و زيت أركان و آملو أو زيت الزيتون حسب المناطق.

تأخذني الذكرى إلى سنوات طفولتي ، إذ كانت والدتي رحمها الله تصر على أن تحتفي بهاته المناسبة مثلها مثل العائلات الأمازيغية بمنطقة الأطلس المتوسط.

والذي ازددنا وترعرعنا في كنف أراضيه الخصبة المعطاء و عاشرنا أهله الطيبين، فلم نشهد منهم إلا مكارم الأخلاق وطيب المعشر.

كانت رحمها الله تعد لنا طبق الرفيسة بالديك الرومي أو بالدجاج البلدي و الذي كان يعد من الأطباق التراثية الحاضرة و بقوة في تلك المناسبة؛ إلى جانب الكسكس بسبع خضر و طبق “إمشيخن” أو “أوركمين “.. أما طبق الثريد أو الرفيسة فقد كانت عبارة عن خبز رقيق مطهو بالزيت يعاد طهيه بعد ذلك في البخار و يسقى بمرق البصل و العدس و الدجاج البلدي و يزين بالبيض البلدي . أذكر أن والدتي رحمها الله حينما كانت تعد طبق “حاكوزة”، كانت تخبرنا بأن بالطعام تمرة في أسفل الطبق و من وجدها هو “المرضي” فينا جميعنا . كنا نأكل بشهية كبيرة و نحاول أن نجد في ذلك حتى نجد حبة التمر تلك ،لنكتشف صاحب الحضوة منا .بيد أننا نفاجأ أنها وزعت بالعدل، عددا من التمرات أسفل الطبق لتخبرنا في النهاية أننا جميعنا “مرضيون” وأننا نلنا بركة الطعام و بركة تلك المناسبة الطيبة.

من وجد حبة التمر نال الرضا و من جد في الحصول عليها نال البركة ..
وأنها ليست إلا مناسبة للإحتفاء ببداية العام الفلاحي الذي ينتهي بالحرث و يبتدئ بالزرع الى موسم الحصاد..

إنما في ذاكرتنا و نحن أطفال، فقد كانت بداية سنة مباركة تفتتح بالرضا و تمضي بالجد و الاجتهاد و الكفاح لتختم بحصاد ثمار المثابرة و الظفر بالنتائج المشرفة.

سنة سعيدة لكل إخواننا االأمازيغ ، كلنا على قلب واحد نشد بعضنا بعضنا و يكفينا فخرا و عزا و ذخرا أننا نتقاسم و إياهم شرف الإنتماء لهذا العالم الجميل.

أسكاس أماينو أمباركي 2975.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى