مقالات

أقف في صف المقاومة لكنني لا أقف في صف حماس

مقال رأي بقلم د. محمد عبد العزيز
كاتب وباحث اقتصادي ومتخصص في الشئون الافريقية
الاعتراف بالحق فضيلة حتى في تقدير العدو
، أن التنسيق العسكري بين حماس وحزب الله
يستحق الإشادة والدراسة فكلاهما يشتت القوات الإسرائيلية دون تجاوز الحد الذي يورط حزب الله
في حرب شاملة تدمر لبنان بالكامل وبما لا يجعل الضغط الإسرائيلي يقع بالكامل على حماس فقط .
ومن المستبعد حاليا في ظل المعطيات المختلفة أن ينتهي كل هذا التصعيد بسيناريو مفتوح لأن التصعيد والحديث عن حرب دينية موجود في كلا الجانبين إسرائيل وأمريكا وأوروبا من جانب وحماس وحزب الله وإيران من جانب آخر ، بينما يدفع الثمن دائما العرب ومصر لكونهم ما بين ضغوط إسرائيل وضغوط إيران حتى لو كان خيار العرب هو السلام وعدم المشاركة في الحروب ، ومن يتابع تصريحات الإعلام الحربي الموجهة لأهداف عسكرية يجد أن إسرائيل تقول انها قتلت قياديين من حماس في غزة وأنها استهدفت منصات إطلاق صواريخ حماس في القطاع لكن الواقع يقول أن حماس لم تنهار ميدانياً وأنها لازالت تطلق الصواريخ على إسرائيل لكن طول أمد الحرب مع هذا الحصار ومنع المياه والكهرباء والوقود والاتصالات وإنهيار كل مستلزمات الحياة الأساسية في غزة قد يقلب ميزان المعركة البرية ضد حماس وحزب الله ولكن طول أمد الصراع أيضا له تكلفة كبيرة من حيث عدد الشهداء والمصابين الذي يتزايد يوميا فهل تستطيع إسرائيل وأمريكا تجميل ما يحدث في عيون العالم أو عيون الشعب الإسرائيلي ذاته مع كثرة الخسائر البشرية في كلا الجانبين كلما أمتد أمد الحرب ، هذا هو السؤال الأهم والأصعب لمعرفة ما يحكم المستقبل القريب في حال بقاء الوضع على ما هو عليه بدون مفاجآت ميدانية نوعيه غير متوقعه وبدون تنازلات أو صفقات سياسية من كلا الطرفين وهناك سؤال مهم جدا مكمل للسؤال الأول وهو هل تستطيع إسرائيل تحمل تكاليف توقف كافة النشاطات الاقتصادية بحجة الدفاع عن نفسها وأمنها وبقاء إسرائيل ضد أعداء إسرائيل وإلى متى يمكنها تحمل تلك التكاليف إلى جانب تكاليف الحرب ذاتها ؟
ومن المعطيات السياسية النوعية التي باتت تؤكد أن ما حدث يوم ٧ أكتوبر لا يصب بأي حال من الأحوال في مصلحة العرب والفلسطينيين هو زيارة وزير خارجية إيران إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتصريح الوزير الإيراني بأن إيران لا تقف وراء هجوم يوم ٧ أكتوبر بما يؤكد وجود ترتيبات لصفقة تتم في الخفاء قد يكون ثمنها لدى إيران أكبر من الإفراج عن معتقلي حماس في سجون إسرائيل وأهم من إقامة دولة فلسطينية قد يكون الثمن توقف التضييق الأمريكي على إيران في التصنيع العسكري والبحث العلمي والاستيراد والبرنامجين الصاروخي والنووي لإيران وحصول إيران على أموالها المجمدة بالكامل من قطر وقد يكون الثمن في مقابل كل ذلك تقليم أظافر حماس وحزب الله وعدم تهديد إسرائيل مجددا ، أن هذه مجرد تكهنات لكن المؤكد حتى الآن من قراءة المشهد رغم تعقيداته أنه لا يوجد أي طرف يريد حرب واسعة النطاق وشاملة وكل ما يحدث هو رقصة الموت من خلال استعراض القوة العسكرية لأمريكا وإسرائيل وتحريك متواضع ومحدود لبعض أذرع إيران العسكرية في الشرق الأوسط .
وفي خضم كل هذا يجب أن يدرك الجميع أن مصر لا تفكر في أي استهداف قامت به حماس ضد ضباط مصريين في أعقاب ثورة شعب مصر ضد حكم الإخوان ولا تفكر في ولاء حزب الله لإيران ، أن مصر لا تفكر حاليا إلا في الحفاظ على أرواح المدنيين الفلسطينيين وضمان وصول القدر اللازم بشكل مستمر من مواد إغاثة ومواد إعاشه لشعب فلسطين ، أن مصر لا تفكر حاليا إلا في حل القضية الفلسطينية من خلال السياسة والدبلوماسية وذلك بسبب ما تشهده المنطقة من تعقيدات من خلال أذرع إيران المسلحة وتعقيدات صعود قوة عالمية جديدة من خلال تحالف الصين وروسيا وما يسببه ذلك من رد فعل قوي من قبل أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية تجاه قضايا عديدة خاصة فكرة بقاء ووجود إسرائيل في الشرق الأوسط فضلا عن استنزاف أموال الخليج في شراء السلاح الأمريكي لمواجهة تمدد إيران في الشرق الأوسط .
أن مصر تدعم المقاومة الفلسطينية للمطالبة بدولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة عاصمتها القدس الشرقية لكن المقاومة الفلسطينية لا يجب أن تكون بحمل السلاح فقط ولكن باصطفاف كل أبناء الشعب الفلسطيني ونبذ الفرقة واللجوء للسياسة الخارجية المتوازنة والمحافل الدولية والإقليمية ذات الصدى والأهمية لتبني قضية فلسطين العادلة .
ختاما أود أن أؤكد على بعض النقاط الهامة
سوف يرى البعض كلامي انهزاميا وربما خيانة
ولكني أراه منطقيا ، تلك النقاط كما يلي :-
. أن كل خسائر إسرائيل حتى الآن يمكن أن تعوض
بينما ما لا يعوض هو إجماع الغرب على وصف حماس بالإرهاب ومعرفة تكتيكات وقدرات حماس والاستعداد لها ولأي هجوم مفاجيء جديد مهما كان الوضع مستقر كما كان مستقر قبل ٧ أكتوبر
. الأفضل من المقاومة المسلحة حاليا هو توحيد الفلسطينيين على كلمة واحدة وتكرار تلك الكلمة دائما في كل المحافل الدولية ليتأكد الجميع من سلمية الإنسان الفلسطيني وعدم تهديده لفكرة بقاء ووجود إسرائيل وأن جميع الفلسطينيين على استعداد للتعايش جنبا إلى جنب مع إسرائيل لأنه وباختصار عندما يكون ميثاق أي فصيل فلسطيني مسلح يتحدث عن قتل كافة الإسرائيليين فإنه لن يجد أحد يحتفي به أو ينصت له في الغرب بل سيبرر ذلك الميثاق أفعال إسرائيل الهمجية ضد كل الفلسطينيين حتى من هم في الضفة الغربية بعيدا عن حماس
. المقاومة المسلحة ضد الاحتلال على النحو الحالي
ليست هي الطريق الذي يفهمه أو يقبله الغرب
بل إن هناك عرب ومسلمون غير مقتنعين بما تفعله حماس في أهل غزة ويعتبروا أهل غزة أسرى لدى حماس قبل إسرائيل
. التعلم من الآخرين ليس عيبا على سبيل المثال أن الزعيم “غاندي” قاوم بالكلمة وليس بالسلاح أو بناء الانفاق أو إجبار جميع الهنود على قبول المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإنجليزي
. لتعلم أخي الفلسطيني أن قلوب المصريين تحترق من أجل أطفال غزة وأن حروب الجيوش النظامية أصبحت قوة نيرانها كارثية على جميع الأطراف المشاركة فيها وهذا سبب الموقف الرسمي لمصر
. لتعلم أخي الفلسطيني أن مصر دفعت من أرواح أبنائها ولا زالت تريد أن تدفع المزيد ولكن في معركة عادلة يؤيدها جميع العرب والمسلمون بلا استثناء
فالحرب مع إسرائيل هي حرب ضد الغرب بالكامل لذا يجب اصطفاف العرب والمسلمين بالكامل ومن قبل ذلك يجب توحيد الصف الفلسطيني بالكامل وألا يكون هناك أي طرف يسعى للمتاجرة بالإسلام أو العروبة أو المتاجرة بتحرير القدس وفلسطين .
. لتعلم أخي الفلسطيني أن مصر حاربت من أجل توحيد كافة الفصائل الفلسطينية أكثر مما حاربت الصهيوني المحتل ذاته .
. لتعلم أخي الفلسطيني أنه لا يجب على المسلم أن يلقي بنفسه إلى التهلكة المؤكدة لذا فإن المقاومة ليست بالقتال فقط ، المقاومة بالكلمة وكل الوسائل القانونية والدبلوماسية الدولية وهذا أضعف الإيمان لكن يجب توحيد الفلسطينيين جميعا على كلمة واحدة وتكرار تلك الكلمة دائما في كل مكان هذا ما يفهمه ويقبله الغرب في صراع مثل هذا .
. أتمنى نهاية الإحتلال الإسرائيلي لكن هل ينتهي بمقاومة مثل مقاومة حماس الحالية ، المقاومة لا تعني قتل أو أسر نساء ومسنين حتى لو كان العدو جبانا ويفعل كل ما هو محرم وخسيس .
. كنت أتمنى أن تقتل حماس ١٥ ألف جندي اسرائيلي لربما كان أفضل لدى الغرب والجميع ولو أسرت ألف جندي اسرائيلي لربما كان أفضل لدى الغرب والجميع ، لا معنى لقتل مستوطنين يهود حتى وإن كانوا متطرفين يحملوا السلاح لا معنى لأسر مسنين يهود ونساء يهوديات حتى وإن تمت معاملتهن بشكل أخلاقي حسن ، حماس ليست منزهه عن الخطأ قد تجيد القتال لكنها لا تصلح لإدارة قطاع غزة ومعالجة القضية الفلسطينية سياسيا وإعلاميا .
. أن أهل غزة أسرى لدى حماس قبل إسرائيل
، ثمن قتل الإسرائيلي الواحد لا يجب أن يكون قتل آلاف الأطفال في غزة ولا يجب أن يُلقي المؤمن بنفسه إلى التهلكة ، إذا كان العدو غاشم ووحشي يجب أن تكون المقاومة رشيدة وحكيمة فما قيمة الأرض إذا قُتل الشعب كله .
وما قيمة الأرض إذا كان باطنها مجوف وسطحها محروق ، صحيح اليهودية وصحيح الإسلام كلاهما براء مما يحدث في الأرض المقدسة ، التطرف منبوذ أياً كان لونه وأسمه .
، يصمت العالم ، يصمت العرب ويصمت المسلمون
لكن ما ذنب أطفال غزة ؟!؟!
يا قادة حماس لا تحكموا على أطفال غزة بالقتل إذا لم تكونوا تعرفوا كيف تقاوموا الإحتلال فلا تكونوا سببا في قتل الأطفال لعل هؤلاء الأطفال يصيروا رجالا يعرفوا يوما ما كيف يقاوموا الإحتلال .
أن المشهد في فلسطين المحتلة عبثي يحكمه متطرفين من كلا الجانبين والذنب يدفعه الأطفال الفلسطينيين الأبرياء .
أن الجيل الذي سيحرر الأقصى وينطق له الحجر والشجر لا يحتاج لأي سلاح أو أنفاق أو أذرع إيران العسكرية أو عمليات نوعية أو اختطاف رهائن من المسنين والنساء ، الجيل الموعود لا يحتاج إلا لتوحيد الصف الفلسطيني بالكامل على كلمة واحدة بدون أي ايدولوجيا أو مصالح أو مزايدات ثم توحيد الصف العربي والصف الإسلامي بالكامل حينها سينطق الحجر والشجر مهما كانت قوة العدو وأعوانه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى