شعر وأدب

خيط من نور.. بقلم آمنة سلامي

في قريةٍ صغيرة عند أطراف الصحراء، كان يعيش فتى يُدعى سالم، يشتهر بفضوله وحبّه لاكتشاف كل ما حوله. كان سالم يخرج كل مساء إلى الكثبان القريبة، يراقب الشمس وهي تغيب، ويبحث في الأفق عن شيء لا يعرفه بعد… شيء يشعر أنه ينتظره هناك.

ذات مساء، بينما كان يسير وحيدًا بين الرمال، لمح شيئًا يلمع من بعيد.
اقترب ببطء، فإذا بخيط رفيع من النور ينبعث من بين الرمال.
انحنى ليلتقطه، فإذا هو خيط مضيء، دافئ الملمس، يكاد ينبض كأنه حي.
حمله سالم بين يديه بفضول، فسمع همسًا خافتًا يقول:
“اتبعني، وستصل”.

ارتجف الفتى، لكنه لم يتراجع.
بدأ الخيط يلمع أكثر، ويتحرك كأنه يريد أن يقوده. تبعه سالم عبر الممرات الرملية، حتى أوصله إلى وادٍ صغير لم يره من قبل، تنمو فيه شجرة واحدة، شامخة رغم القحط، تتوهج أوراقها كأنها تحتفظ بقطعة من الفجر.
اقترب سالم، فسمع صوتًا آخر، أعمق هذه المرة:
“كلّ منا يحمل خيطه الخاص…

خيطًا لا يراه إلا إذا تجرأ على البحث.”فهم الفتى.
كانت تلك الشجرة رمزًا، والخيط الذي قاده لم يكن إلا شجاعة قلبه.
جلس تحت الشجرة طويلًا، شعر بالطمأنينة، وكأن الكون كله يعلمه أن الطريق يظهر فقط لمن يمشي نحوه.

عاد سالم إلى قريته، والخيط ما يزال بين يديه، لكنه كان يعرف جيدًا أنه ليس مجرد ضوء… بل رسالة:
أن في داخل كل إنسان خيطًا صغيرًا يهديه، لكن عليه أن يثق بخطواته الأولى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى