مقالات

قطر تضرب نفسها

بقلم الكاتبة الصحفية شيرين عصام

تسعى الدول دائماً لحماية أمنها القومي والحفاظ على استقلال قرارها السياسي، لكن ما يحدث في قطر يثير علامات استفهام عديدة. فمنذ سنوات، وضعت الدوحة نفسها في مأزق استراتيجي حين سمحت بوجود قواعد عسكرية أمريكية على أراضيها، بحجة ضمان الأمن والاستقرار في منطقة مضطربة.

لكن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها، أن وجود هذه القواعد يمثل سيفاً ذا حدين. فمن ناحية، قد توفر لقطر شعوراً مؤقتاً بالأمان، لكنها من ناحية أخرى تجعلها في مرمى أي صراع عسكري أو مواجهة إقليمية، وهو ما ظهر جلياً بعد الضربات الأخيرة في المنطقة والتي أثارت مخاوف حقيقية من تحول الدوحة إلى ساحة مواجهة غير محسوبة.

إن الاعتماد المفرط على الحماية الأجنبية ليس سوى رهان خاسر، لأنه ببساطة يقيد سيادة القرار القطري، ويضع مستقبل الشعب في يد قوى كبرى لا تبحث سوى عن مصالحها. فالولايات المتحدة لا تبني قواعدها إلا حيث ترى مصلحة استراتيجية لها، ولا تتحرك إلا حين يخدم تدخلها أجندتها الخاصة.

وما بين الطموح القطري في لعب دور أكبر من حجمها الجغرافي، والواقع الذي يفرض قيوداً ثقيلة، نجد أن قطر في حقيقة الأمر قد “تضرب نفسها” بيدها، لأنها اختارت أن تتحول إلى ساحة نفوذ عسكري أجنبي بدلاً من أن تبني قوة ذاتية رادعة، أو أن تستند إلى تحالفات عربية صادقة تحفظ أمنها دون أن تنتقص من سيادتها.

لقد أثبتت التجارب أن القواعد العسكرية الأجنبية ليست ضمانة استقرار، بل غالباً ما تكون بذوراً للأزمات. ومن هنا، فإن قطر مطالبة اليوم بمراجعة حساباتها، قبل أن تجد نفسها في قلب مواجهة كبرى، تدفع ثمنها وحدها، بينما يكتفي الآخرون بحساب المكاسب والخسائر من بعيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى