رجل لا يعتذر.. وامرأة لا تغفر! بقلم الكاتب / د . رضا الزاوي

لا شيء يفتك بالعلاقات الإنسانية مثل غياب كلمتين بسيطتين: “أنا آسف” و “سامحتك”.
فعندما يغيب الاعتذار، وتتجمد قلوبنا عن الغفران، تتحول الحياة المشتركة إلى ساحة صراع، كل طرف فيها يبحث عن إدانة الآخر، لا عن إصلاح العلاقة.
الرجل حين يرفض الاعتذار، يتعامل وكأن كلمة “أسف” ستنتقص من رجولته وتُضعف صورته أمام شريكته. والمرأة حين ترفض الغفران، تجعل من أي خطأ مهما كان صغيرًا سيفًا مسلطًا فوق العلاقة، يتكرر ذكره كلما دبت بينهما أزمة. وهكذا، تضيع المحبة، ويعلو صوت العناد، ويخسر الطرفان معًا.
الاعتذار ليس انكسارًا، بل قوة وشجاعة، والغفران ليس ضعفًا، بل وعي ونضج. فما قيمة الحب إن لم يتسع للاعتراف بالخطأ وتجاوزه؟ وما قيمة الزواج إن كان كل نقاش يتحول إلى محاكمة بلا نهاية؟
المشكلة أعمق من أن تكون مجرد موقف بين زوج وزوجة، إنها أزمة ثقافة. كثير من الآباء لا يعتذرون أمام أبنائهم، وكأنهم معصومون من الخطأ، فينشأ الجيل الجديد على أن الاعتذار إهانة، بينما هو في حقيقته قمة التربية واحترام الآخر.
وفي أحيان كثيرة، يهرب الرجل من الاعتذار لأنه جرّبه يومًا ولم يجد عند زوجته غفرانًا ولا تسامحًا، بل وجد لومًا متكررًا وتذكيرًا دائمًا بما أخطأ فيه. فيشعر أن الاعتذار بلا جدوى، فيتوقف عنه تمامًا.
إن إعادة الاعتذار والغفران إلى قاموسنا ليست رفاهية، بل ضرورة لبقاء العلاقات، سواء كانت زوجية أو اجتماعية أو إنسانية بشكل عام. كلمة صادقة من قلب نادم، وابتسامة غفران من قلب محب، قد تنقذ حياة كاملة من الانهيار.