انتخابات مجلس النواب: بناء مستقبل أم تكرار لأخطاء الماضي

بقلم الإعلامية شيماء فتحي

“الوطن ليس لعبة في أيدي الفاسدين، ولا حقل تجارب للفاشلين. إنه أمانة في أعناقنا جميعًا، ومسؤولية نتشاركها معًا. لكن هل نحن على استعداد لتحمل هذه المسؤولية؟ هل نحن مستعدون لمواجهة الحقيقة المرّة؟”
أعبر عن غضبي العميق لأولئك الذين يرتدون لباس الشرف الوطني، ويقسمون على حماية الأوطان، ويقدمون أرواحهم فداءً لها، ولكنهم في الواقع يخفون وراء هذا اللباس شخصيات غارقة في الملذات، بعيدة عن هموم الناس، بل تتورط في قضايا فساد وإهدار للمال العام.
إنهم يخدعون الناس بأقنعة الزيف، ويتحدثون عن الشرف والوطنية، بينما هم في الواقع يخطفون إرادة الشعب، ويحولونها إلى سلاح فتاك، يدمرون مستقبل الوطن، ويبنون به مجدهم الزائف.
لا نريد تكرارًا للماضي، لا نريد نفس الوجوه، نفس الأقنعة، نفس الخداع. نريد بناء مستقبل يليق بنا.
الخدعة الكبرى: استغلال البسطاء لتحقيق أهدافهم الدنيئة
بعض المرشحين يستغلون حاجة “الضعفاء” ويجرونهم إلى فخ شراء الأصوات. رغم توجهات سيادة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الصريحة برفض هذه الممارسات، إلا أن معظم المرشحين يصرون على تدنيس الديمقراطية، وتجيير إرادة الشعب لصالحهم.
شراء الأصوات هو إغتيال لصوت الشعب، وتحويل الانتخابات البرلمانية إلى مزاد علني. فهل سيسمح الشعب المصري ببيع وطنه، أم سيقف كالأسد ضد هذه الجريمة النكراء؟
الإصلاح الحقيقي
الإصلاح الحقيقي لا يتحقق بانتخابات صورية، بل يتطلب ثورة ثقافية داخلية تبدأ في صلب مؤسسات التعليم، توجه نحو تعزيز احترام القانون والمؤسسات لا الأشخاص، وترسخ مفهوم المواطنة فوق أي هوية دينية أو قبلية.
الخداع المقدس: عندما يصبح التغيير مجرد وهم
نحن نعيش في عالم من الوهم، حيث يتم التلاعب بمشاعرنا، وتستخدم الديمقراطية الانتخابية كغطاء لتبرير الفشل الداخلي. نحن نرفض هذا الوضع، نرفض أن يتم خداعنا بنواب وهميين، نرفض أن يتم تجيش الشعور ضد عدو خارجي، بينما يتم تجاهل أزمة المواطن الحقيقية داخل مجتمعاتنا.
فهل ستشرق شمس التغيير على أرض الواقع، أم ستظل الأوضاع كما هي، رهينة للأوهام والوعود الزائفة؟
الخدعة المميتة: الوجوه القديمة ترتدي ثوب التغيير
تلك القوى التي تزعم التغيير، بينما تعيد إنتاج نفسها بأساليب شمولية، أسيرة إيديولوجيات جامدة، بدلًا من أن تبني قوة حقيقية تقوم على المؤسسات والقانون والمعرفة.
إنهم يخدعوننا بأقنعة الزيف، ويتحدثون عن التغيير، بينما هم في الواقع ينسجون أكذوبة الفشل، ويعيدون تدوير نفس الأفكار والممارسات التي أودت بمصر إلى هذا الحال.
النجاح السياسي ليس مجرد شعارات زائفة أو وعود انتخابية جوفاء
في تحليل حاد، يرجع المحللون السياسيون الفشل السياسي في مصر إلى أسباب واضحة: ثقة مدمرة في النفس، وكفاءة غائبة في الأداء، وهروب مستمر من مواجهة الواقع.
النجاح السياسي ليس مجرد نوايا حسنة، بل يتطلب رؤية شاملة وفهمًا عميقًا لعلوم متعددة، مثل علم النفس، الاقتصاد، الإدارة، الجغرافيا. لأن إدارة المجتمعات والسياسات مسؤولية جسيمة تتطلب رؤية استراتيجية وقرارات حاسمة.
صوتك لبناء المستقبل: لا للشخصية
نريد نوابًا يبنون دولة المؤسسات، لا دولة الأشخاص، نريد قوانين تحمي حقوقنا، ومؤسسات تحاسب الفاسدين.
نريد وطنًا يسع الجميع، لا وطنًا يختزل في فرد أو حزب.
إن الانتخابات البرلمانية الحالية هي فرصة لإعادة بناء الثقة بين المواطنين وحكومتهم، ولكن ذلك يتطلب من المرشحين أن يكونوا صادقين مع أنفسهم ومع الناس، وأن يضعوا مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.




