مقالات

من القلب.. “غزو التكنولوجيا” بقلم د/ مها علي دليور

شهد العالم في الأعوام القليلة الماضية تعلقا قويا بالوسائل التكنولوجية في جميع أمور حياتنا، واعتمدنا عليها بشكل أساسي، ومن هذه الوسائل الحواسيب  والشاشات الذكية، حيث أن تعلقنا بها أصبح مخيفا وزائدا عن الحد، وخاصة أجيال( Z , A )، وتتردد على مسامعنا نصائح كثيرة من الأطباء النفسيين وعلماء التربية بإبعاد أطفالنا عن الشاشات، نصائح قد تضع الآباء في صراع داخلي ضروس بين مواكبة العصر والمحافظة على صحة الأبناء العقلية والنفسية وتربيتهم بأسلوب تربوي سليم.

وهذا الصراع عاطفي في المقام الأول، لأن أساليب التربية تحورت مع غزو التكنولوجيا لحياتنا اليومية وغير منطقي على الإطلاق المقارنة الغير متكافئة بين التربية والتعلق بالهواتف الذكية، فلو سألت طفل من جيل (A) عن حلمه المستقبلي سيخبرك أنه يريد أن يصبح ( يوتيوبر) وهذا ما يثير قلقنا وضيقنا ويشككنا في سلامة أسلوب تربيتنا لهم، فمنذ وقت ليس ببعيد كانت الأطفال ترد على هذا السؤال برد مرضي جدا للكبار وهو أريد أن أصبح طبيب، ضابط، مهندس….إلخ

ولذا فقد حدث تحور مكتسب هائل في عقول أطفالنا و لا لوم على أحد إلا أنه تطور لا بد من التأقلم معه، فإن استطعنا نحن الآباء الاستغناء عن التكنولوجيا فإنه من ضروب العبث أن نحرم أبناءنا تعسفا منها، لأن مستقبلهم قائم على إتقانها، ولذلك كان لزاما علينا إتقانها بالتوازي معهم، إن لم نتخطاهم في مهارة استخدامها من أجل حمايتهم من أضرارها.

ومن هنا لا بد أن ننحي صراع الأجيال جانبا بل ومسمياتها، فلا بد من امتزاج جميع الفئات العمرية معا و هدم جميع الحواجز لنكون أقوى من الغزو التكنولوجي لزيادة قدرتنا على تذليله و تطويعه لخدمة البشرية والاستفادة منه بشكل صحي هدفه تحقيق الراحة والوصول للمستهدف في وقت أقل وتجنب استهلاك الوقت في اللاشيء وحماية الأبناء من الألعاب والبرامج التي تضيع زهرة عمرهم بتعليمهم برامج البرمجة المختلفة وإنشاء المحتوى الهادف وصنع روبوتات وبرمجتها وغير ذلك من شئون تحقق رغباتهم وتشعرهم بالرضا عن أسلوبنا في التعامل معهم وتوجيههم.

ففي عصرنا هذا أصبح للطفل ذو الخمس سنوات القدرة على إنشاء محتوى تعليمي قوي ناجح، ولذلك لم يتبق إلا إيماننا بقدراتهم وثقتنا في عقولهم.
د/ مها علي دليور

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى