مقالات

محمد صبحى ضمير الفن العربي فى وجدان الأجيال

بقلم الإعلامية نور صبحي

محمد صبحي، بابا ونيس الذي تربّت أجيال كاملة على كلماته ومواقفه، من خلال سلسلة مسلسلاته التي غرست فينا الأخلاق والقيم، وروح المبادرة، وحب العائلة، واحترام النظام والمسؤولية. لم يكن مجرد شخصية درامية نتابعها على الشاشة، بل كان حضورًا تربويًا وإنسانيًا أسهم في تشكيل وعي أجيال كثيرة، وترك أثرًا عميقًا في قلوبهم وعقولهم.

محمد صبحي ليس فنانًا عاديًا، بل هو صاحب مشروع فني وفكري متكامل. آمن منذ بداياته بأن الفن رسالة قبل أن يكون شهرة، وبأن المسرح والدراما يمكن أن يكونا وسيلة للبناء لا للهدم. لذلك جاءت أعماله دائمًا منحازة للإنسان، للوعي، وللقيم التي تحفظ تماسك المجتمع.

من خلال شخصياته وأعماله، كان الفنان قريبًا من الناس، يتحدث بلغتهم، ويطرح قضاياهم دون تعالٍ أو افتعال. ناقش قضايا الأسرة، والتعليم، والهوية، والانتماء، بأسلوب بسيط في شكله، عميق في مضمونه، جعل رسائله تصل إلى مختلف الفئات العمرية، وتبقى حاضرة رغم تغيّر الأزمنة.

ورغم أنه لم يساير موجات الفن التجاري أو يبحث عن الانتشار السريع، اختار محمد صبحي طريقًا أكثر صعوبة، لكنه أكثر صدقًا. حافظ على مبادئه، ورفض أن يكون الفن أداة فارغة، فدفع أحيانًا ثمن مواقفه، لكنه كسب احترام جمهوره وثقته، وهو احترام لا تمنحه إلا التجارب الصادقة.

إن التأثير الحقيقي لا يُقاس بعدد الأعمال أو حجم الإيرادات، بل بقدرة الفنان على ترك بصمة إنسانية طويلة الأمد. ومحمد صبحي نجح في ذلك بامتياز، إذ أصبح جزءًا من ذاكرة أجيال، ورمزًا للفن النظيف الذي يحترم العقل ويُخاطب الضمير.

وفي زمن نحتاج فيه إلى إعادة الاعتبار للقيم والمعنى، يبقى محمد صبحي شاهدًا على أن الفن يمكن أن يكون راقيًا، هادفًا، ومؤثرًا، دون أن يفقد روحه أو يساوم على مبادئه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى