مقالات
السلطة الخامسة.. بقلم لمياء شكيب

إعتادت أذاننا علي سماع السلطات الأربعة وبالأخص السلطة الرابعة ألا وهي الصحافة
أما أنا وإجتهادا مني جئتكم اليوم بالسلطة الخامسة
وأطلقتها علي ( الزوجة المتسلطة ) وهي سلطة خفيّة لا تقلّ تأثيرًا وخطورة: سلطة الزوجة المتسلّطة أمام زوج ضعيف الشخصية.
سلطة لا تُمارس بالقوانين أو الإعلام، بل داخل جدران البيوت، فتقلب موازين العلاقة بين الرجل والمرأة، وتحيل الزواج من شراكة إلى صراع، ومن محبة إلى خضوع وتسلّط حين يفقد الرجل صوته.
الزوج ضعيف الشخصية ليس بالضرورة رجلاً سيئًا أو فاشلًا، بل هو غالبًا شخص طيّب، هادئ، يسعى إلى تجنّب المشكلات بأي ثمن.
غير أنّ هذه “الطيبة الزائدة” تتحوّل إلى خضوع مطلق، فيُصبح الرجل تابعًا في بيته، لا قرار له ولا موقف، يرضخ لكل طلب، ويمتثل حتى للإهانات النفسية أو الإجتماعية، خوفًا من خسارة استقرارٍ هشّ أو حبٍّ مشروط.
من أين يبدأ الضعف؟
يرى علماء النفس أن ضعف شخصية الرجل لا يولد فجأة داخل الزواج، بل يتشكّل منذ الطفولة.
فالطفل الذي يُوبَّخ بإستمرار، أو يُمنَع من اتخاذ قراراته الصغيرة، يكبر وهو غير واثق من ذاته.
وإذا أفرطت الأم في الحماية، أو غاب الأب القدوة، نشأ الابن معتمدًا على الآخرين، لا يعرف كيف يفرض إحترامه دون خوف أو عدوان.
تضاف إلى ذلك عوامل أخرى:
إضطرابات نفسية مثل القلق الإجتماعي أو إنخفاض تقدير الذات.
ضغوط اقتصادية تجعل الرجل يشعر بالعجز أمام زوجة ناجحة أو متفوّقة مهنيًا.
وأحيانا نري بعض الرجال تعشق الذل والإهانة وتسعد به.
صورة إعلامية جديدة تصوّر “الزوج المطيع” على أنه النموذج العصري للرجل المثالي.
ولماذا تتسلّط الزوجة؟
في المقابل، ليست كل امرأة متسلطة بطبعها.
بعض النساء يمارسن التسلّط تعويضًا لغياب القيادة عند الزوج، أو لأنهن نشأن في بيئة تعلمت فيها المرأة أن القوة وحدها تضمن لها الإحترام والحماية.
وقد يتحوّل التسلّط إلى وسيلة دفاع نفسي: “أسيطر حتى لا أُؤذى”، أو “أتحكم حتى لا أتألم”.
النتائج… بيت بلا توازن
حين يختلّ ميزان القوة في الأسرة، تضيع الحدود بين الحب والسيطرة.
تظهر التوترات، تتآكل لغة الاحترام، ويُصاب الأبناء بالحيرة:
من هو القدوة؟ من يمثل الحزم والرحمة؟
الزوج المنسحب قد يبدو مسالمًا، لكنه يزرع داخل بيته فوضى صامتة، بينما الزوجة المتسلّطة تتحول من شريكة إلى وصيّة، ومن أمّ حنون إلى قاضية تُصدر الأحكام.
كيف يستعيد الرجل صوته؟
الطريق إلى إستعادة التوازن يبدأ بالوعي، فـ الاعتراف بالضعف ليس عيبًا بل شجاعة.
ثم يأتي العمل التدريجي على بناء الثقة بالنفس:
1. الاستقلال النفسي والمادي: كلما شعر الرجل بأنه قادر على الإنجاز، استعاد احترامه لذاته.
2. التواصل الحازم: أن يقول “لا” باحترام، وأن يعبّر عن رأيه دون خوف أو عدوانية.
3. المشورة المتخصصة: العلاج النفسي أو الإرشاد الزواجي يساعد على إعادة رسم الحدود الصحية بين الطرفين.
4. توازن الأدوار: الزواج ليس ساحة هيمنة، بل مساحة تكامل، فيها من يعطي ومن يتنازل، دون أن يُلغى أحد.
رسالة إلى المجتمع
القضية ليست في من يحكم البيت، بل كيف يُدار هذا البيت.
ليس المطلوب “رجلاً متسلطًا” ولا “امرأة.. بل بالنقاش والتفاهم بعقلانية وهدوء تُحل كل المشاكل او معظمها. كونوا رحماء فيما بينكم والجأوا للحكمة لينال كل امرىءٍ حقه الاجتماعي والمعنوي وليكن الحوار البناء سيد الموقف.




