شعر وأدب

الصدفة والقدر..!!

بقلم ياسر سعيد

الصحفي بالأهرام

تبدو الصدفة في ظاهرها لنا كحدث عشوائي لا رابط له بسياق سابق أو لاحق، لقاء عابر.. كلمة خرجت من فم غريب.. أو حتي حادث بسيط للغاية يمكنه تغيير مجري حياتنا بأكمله..

لكننا حين نرجع ونعود ونحتكم لإيماننا الراسخ بالقدر سوف نري أن كل ما يظهر لنا عبر رحلة الحياة علي أنه صدفة، ما هو في حقيقته إلا تجلِ خفي قد كُـتِبَ علينا في اللوح المحفوظ منذ الأزل..

الصدفة والمصادفة في حقيقة أمرهما قصدًا قدريًا وإن خفيت عنا حكمته في حينها، ترتيب للتفاصيل ونسج للحكمة من خيوط لم نفهم لها بعد تفسيرًا أو معني..!!

يساعدنا هذا علي تبديد ومقاومة مخاوفنا وقلقنا الداخلي وينقلنا لمربعات متتالية بعيدة عن الفوضي والعبث بل ويخلع علينا ثوب الطمأنينة والراحة..

تصبح الصدمات أقل وطأة..
تغدو التقلبات محتملة وتكون اللقاءات بغير موعد تلك التي تغير مجري حياتنا وقد تمت بإرادة القدر وتحمل بين ثناياها الرحمة حتي وإن تأخرت دلالاتها في الظهور..!!

فقط.. نحن نلوذ بمظلة الصدفة حين يضيق بنا الاعتراف لنهرب لا لنفهم، نفسر الأمور علي انها محض مصادفة حينما لا نحتمل فكرة أن اختياراتنا ساهمت بقوة وفاعلية في تشكيل ما حدده القدر، فالإيمان به لا يلغي حرية الاختيار لكن الصواب إنه يحفزنا علي تحمل نتائجها وتبعاتها..

الصدفة هنا بمثابة المنطقة الرمادية – المريحة – بين جزئي الصورة.. ما لا يد لنا فيه وما صنعته نفس الأيدي.. ليست صعبة المسألة ولا عسيرة..!!
نحن نُحاسَب أمام الحق سبحانه وتعالي علي ردود أفعالنا تجاه إرادته النافذة علينا والقول بالصدفة وحدها تبرير ناقص أبتر أما القول بالقدر وبمسئولية الاختيار داخله فهو يحتاج لشجاعة القلب وشهادة علي النفس وليس ذلك باليسير السهل علي الكثيرين – وليس البعض – لأننا بذلك نقول ونعلن : “نحن هنا”.. “كان لنا يد”.. “كان لنا أثر”، وأن كل ما وقع جاء وفق مسئوليتنا عنه ليكتشفنا من الداخل أكثر وأكثر..

نقطة ضعف أو نقطة قوة..
نقطة فجور أو ومضة تقوي..
ماذا نختار لنزكيه ونرفعه وماذا سوف نجرؤ علي إسقاطه وعلي أن ندنسه..؟!

تكمن المشكلة هنا أن الخطأ في الاكتشاف والمعالجة قد لا يُعاد ولا يُكرر وقد لا يتم منحنا فرصًا ودروسًا أخري لنختار بشكل أفضل وأرقي..
،،،،،،
لكن الشيء المؤكد أن علي المرء في كل الأحوال أن ينشغل بنفسه عن نفسه فيعرف ما لم يكن يعرفه عنها.. يُغير ويُبدل ويُجرب ويُحاول ويصل لنتائج تساعده أن يسمو ويتحرك للأمام قدما في إطار أعم وأشمل من تصاريف الأقدار له ومشيئتها العليا..
القدر رحيم بنا، نحن الذين نظلم أنفسنا.. نقهرها – وبشدة – حين نحاول الهروب من الحقائق ونسعي بكل ما أوتينا من قوة إلي إحالتها لمجرد صدفة..!!

#قلب_بلا_دموع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى