مقالات

دنيا مش مرتاح فيها إلا الخايب

بقلم الكاتبة الصحفية شيرين عصام

نعيش اليوم في زمن غريب، زمن تتبدل فيه الموازين وتختل فيه القيم. صار النجاح تهمة، والجدية عيب، والصدق سذاجة. أصبح الإنسان الذي يسعى ويجتهد ويكافح من أجل مكانته في المجتمع يواجه عراقيل من كل جانب، بينما من يسلك الطرق الملتوية ويجيد التلون و”الفهلوة” يجد الأبواب تُفتح أمامه وكأنها مفصّلة على مقاسه.

كأن الدنيا لم تعد تحتمل أصحاب الضمير، بل باتت تُكافئ من لا ضمير له.
العاقل صار غريبًا، والمجتهد أصبح “مغفّلًا”، والطموح الصادق لا مكان له إلا في زوايا مظلمة، يحارب فيها نفسه كي لا ينكسر. أما “الخايب” – الذي لا يتعب نفسه في التفكير أو المسؤولية – فهو وحده من ينام مرتاح البال، لا يرهقه طموح ولا يثقله همّ.

لكن الحقيقة التي قد تغيب عن الكثيرين أن الدنيا ليست نهاية المطاف. ربما يعيش الخايب مرتاحًا في ظاهر الأمر، لكن راحته لا تدوم، بينما من يتعب اليوم ويزرع بذور الخير والجدية، فسيأتي يوم يجني فيه ثماره.
فالدنيا دار اختبار وليست دار جزاء، والميزان الحقيقي ليس هنا، بل هناك حيث لا يُظلم أحد.

إذن، قد تكون “الدنيا مش مرتاح فيها إلا الخايب”، لكن الكرامة والضمير والجدية تبقى مكاسب لا يعرفها إلا أصحابها، وهي أثمن من كل راحة زائفة يعيشها غيرهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى