مشهد الانبطاح وعدم الخروج من جحيم التبعية لم ينقصه سوى ترديد نشيد طلع ترامب علينا

مقال رأي بقلم محمد عبد العزيز
كاتب وباحث اقتصادي ومتخصص في الشئون الافريقية
فرق كبير بين الشراكة الاستراتيجية وبين الانبطاح ، أن التعاون المشترك في الدفاع العسكري ونقل الصناعات والتكنولوجيا وبرامج الذكاء الصناعي والطاقة النووية
ليس حكرا على من شارك في قتل ولا زال يشارك في قتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين بالصمت في أروقة الأمم المتحدة عن جرائم الكـيان الصـهيوني بل وحمايته من أي مسائلة دولية على تلك الجرائم فضلا عن استمرار ارسال المزيد من الأسلحة لهذا الكيان العفن البغيض ، أن عداء بعض العرب لإيران وحماس وحزب الله والحوثي لا يجب أن يكون ثمنه الصمت أمام قتل الفلسطينيين وعمليات تدمير ونسف القضية الفلسطينية بشكل ممنهج ومخطط له جيدا جدا في القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة ، كان يمكن نقل التكنولوجيا وتحقيق الردع من خلال شراكة مع عدة دول أو دول متعطشة لتثبت جديتها كداعم وحليف قوي في أوقات الأزمات كما فعلت الصين مؤخرا مع باكستان لإثبات جديتها وإمكانية الاعتماد عليها كحليف قوي محل ثقة ، قد تمتلك المال والرغبة في التنمية لكنك لا تمتلك الرؤية والروح لتكون مقاتل يرفض الخضوع للاستعمار الغربي بصورته الحديثة ، فقط تريد الانبطاح بحجة السلام والاستمرار في الشراكة الموثوقة فقط تريد أن تكون ترس في آلة قديمة عفنة اعتادت على المؤامرات والاغتيالات لإسقاط واخضاع الدول ويوما ما ستتوقف تلك الآلة البغيضة عن العمل ، البعض يريد الالتفاف والاصطفاف حول امريكا بكل انقسامتها الداخلية كما لو كانت تحمل رسالة سماوية على حساب الاصطفاف حول بني دينه وجلدته وأشقائه ، البعض يغالي في الترحيب والتعاون مع “ترامب” كما لو أن “ترامب” نبي مرسل ولم يكن ينقص المشهد سوى استقباله بترديد نشيد ” طلع ترامب علينا”.
من يرى أن شراكة بلاده مع أمريكا المنقسمة بين تيار يمثله “بايدن” وتيار يمثله “ترامب” شراكه موثوقة يمكن الاعتماد عليها لوقت طويل فهو واهم
من يرى أنه يمكنه استنساخ نفس نجاح شراكة الثمانين عاما الماضية لثمانين عاما قادمة بعد كل التغيرات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية العالمية والتغيرات في الداخل الأمريكي ذاته فهو واهم
. من يرى أنه يمكن أن يوازن بين علاقات سياسية واستراتيجية تجمعه مع أمريكا من جانب وعلاقات أخرى تجارية فقط تجمعه بالصين من الجانب الآخر فهو واهم
. من يرى أن الصين لن تكمل طريقها في الخروج كقوة عظمى تكنولوجيا وعسكريا وسياسيا كما هي قوة عظمى تجاريا واقتصاديا فهو واهم
. من يرى أنه لا سبيل له لتثبيت أركان ملكه إلا بالانبطاح والتعاون والشراكة الاستراتيجية مع أعداء الأمة ليوفروا له الحماية كما يفعلوا مع الكـيان الصـهيوني فهو واهم لأنهم لن يوفروا له نفس درجة الحماية التي يحصل عليها الكيان.
. من يرى أن العمالة للعدو والخيانة لدينه وأشقائه سوف يخلق له دور وزعامة ويجلب له الاستثمارات والاستقرار فهو واهم ، لم يكن ينقص “ترامب” بعد حصوله على كل تلك الصفقات الضخمة بالمليارات فضلا عن الهدايا سوى أن يستقبله البعض بترديد نشيد “طلع ترامب علينا”
، لماذا يطعن بعض العرب في من يفترض أنهم أخوه لهم في القدس الشرقية وغزة والضفة الغربية وغرب ليبيا واليمن والسودان والعراق وسوريا لماذا الإصرار على إضعاف مصر من كل حدودها الجغرافية الأربعة والمزايدة عليها دائما إعلاميا ثم الارتماء في أحضان الصـهيونية العالمية والتطبع بها بل وخدمتها على حساب الدين والدنيا والعقل والمنطق ، ما يفعله بعض العرب في من يفترض أنهم أخوه لهم وعرب مثلهم سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين لن يمر مرور الكرام أن الصمت على قتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين لن يمر مرور الكرام أن الإصرار على الطواف حول البيت الأبيض الأمريكي رغم جرائم هذا البيت ضد الإنسانية وضد العرب وضد المسلمين لن يمر مرور الكرام ، فانتظروا عدالة السماء فهي آتية مهما تعززت العلاقات مع أمريكا والصهـيونية العالمية وأذنابها وما طار طيرا في سماء الخيانة والغدر إلا كما طار وقع ، وقع على شبيه ظله في صحراء قاحلة ووقع له نفس ما شارك فيه ضد أشقائه ، إنها عدالة السماء مهما طال الزمان آتية فلينتظرها كل من وصفهم رب العالمين في القرآن الكريم بأنهم الأعراب الأكثر كفرا ونفاقا ، فعدالة السماء آتية لا ريب فيها ، ولكي يتم فهم المقصد من كلامي دون أي اقتطاع أو تحريف أولا يجب التأكيد على أن من يمتلك المال والآلة الإعلامية فإنه يقول ما يريد وقد يقلب الحق باطل ويقلب الباطل حق ، بصورة عامة ليس لدي مشكلة في أن يقول الإعلام شعرا في أي ملك أو أمير أو رئيس لكن هل تم تحرير سوريا من تواجد الكيـان الصهيوني على أراضيها لكي يوصف القائم بأعمال رئيس سوريا بكل تلك الأوصاف البطولية وهو مجرد قائم بأعمال لأنه ليس رئيس منتخب ، هل قام أي ملك أو أمير عربي بإعلان قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية لكي يتم وصفهم بكل تلك الأوصاف البطولية ، هل تم على أقل تقدير إعلان وقف دائم لجنون وجرائم الكيان التي أودت بحياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين على مدار ٢٠ شهرا وأكثر ، وختاما هل المقصود من تصدير مشهد التعاون والشراكة الاستراتيجية في الإعلام بين بعض العرب وامريكا هو المقصد الوحيد أم أن المقصد الخفي غير المعلن هو رغبة أمريكا في قطع الطريق على تمدد الصين في بعض الدول العربية ، كلها أسئلة مشروعة ومنطقية وتحتاج للوعي والبحث والتحليل والاستعداد لما هو قادم حتى لا تُفرض على مصر يوما ما أي مواجهة عسكرية ونجد أنفسنا بدون دعم من أشقائنا بل وقد يتم توجيه اللوم لنا بأنه لا فائدة من الحروب وان الانبطاح للصـهيونية هو الحل الوحيد وأن التخلي عن القضية الفلسطينية هو أفضل علاج لمشاكل عدم الاستقرار في الشرق الأوسط ، لذا يجب الاستعداد لأي سيناريو محتمل ولا يجب انتظار أن تتكرر مواقف العز والكرامة والأخوة الصادقة مثل مواقف الملك فيصل الشجاع المؤمن والشيخ زايد المؤسس الحكيم والأمير الأب الشيخ خليفة بن حمد.