مقالات

إبن سيد الناس.. بقلم سميرة عبد المنعم

إبن سيد الناس هو الإمام الحافظ العلامة الأديب المحدث المؤرخ الفقيه محمد بن محمد بن محمد بن بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن محمد بن محمد بن أبي القاسم بن عبد الله بن عبد العزيز بن سيد الناس ابن أبي الوليد بن منذر بن عبد الجبار بن سليمان أبو الفتح فتح الدين اليعمري.

أندلسي الأصل ، من بيت رياسة باشبيلية ، من بيت علم ، ارتحل ابوه من الأندلس إلى مصر بأسرته قبل مولده واتخذ من القاهرة محل إقامة ، وكان مع ابوه أمهات من الكتب مثل : مصنف ابن أبي اشته ومسنده ومصنف عبد الرزاق والمحلي والتمهيد والاستيعاب والاستذكار وتاريخ ابن أبي حيثمه ومسند البزار.
ولد في القاهرة في العقد الأخير من حكم السلطان الظاهر بيبرس في ذي القعدة عام ٦٧١ هجرية/ ١٢٧٢ ميلادية ، وعاصر دولة المماليك في عصرها الأول، وتوفي في القاهرة فجأة في يوم السبت ١١ شعبان عام ٧٣٤ هجرية/ ١٣٣٤ ميلادية عن عمر يناهز ٦٢ ، ذكر أنه دخل عليه واحد من الإخوان فقام لدخوله ثم سقط من قامته فلقف ثلاث لقفات ومات من ساعته.

وكان يعظمه كل أحد لاسيما أمراء مصر وأرباب رياستها ، ولي التدريس بمدارس وكان محببا إلي الناس مقبولا عندهم.

وقد بلغ مكانه رفيعة لدى معاصريه واقرانه من العلماء وبالغ تلاميذه واقرانه في الثناء عليه الإشادة بفضله وعلمه حدث عنه معاصره الأسنوي : ( حافظ الديار المصرية شيخ البلاغة والبراعة صاحب النظم الرائق والنثر الفائق ، وقال عنه الحافظ بن حجر : ( قل أن ترى العيون مثله في فهمه وعلمه وسيلان ذهنه وسعة معارفه وحسن خطه وكثرة أصوله ) ، وقال عنه معاصره الأدفوري : ( ولم يخلف بعده في القاهرة ومصر من يقوم بفنونه مقامه ولا من يبلغ في ذلك مرامه ) ، وحدث عنه ابن الوردي وابن كثير : ( اشتغل بالعلم فبرع وساد اقرانه في علوم شتى ) ، قال البرزلي : ( كان أحد الأعيان معرفة وإتقان وحفظا للحديث).

أشارت المصادر إلى أنه أخذ العلم عما يقارب الألف من العلماء حتى أهلته ليكون واحد من أبرز علماء عصره.
احضره ابوه في الرابعة على شمس الدين المقدسي وكان في مقدمة علمائه الإمام قطب الدين أبي بكر محمد بن أحمد بن القسطلاني فسمع عليه وابن الانماطي وأكثر في أصحاب الكندي وابن طبرز وتعلم لدي الدمياطي وابن المجاور والبوصيري ومن مشايخه أيضآ الإمام البدر بن جماعه والقاضي شمس الدين بن العماد وابن المجاوره وابن عساكر.

وكانت له رحلات عديدة في طلب العلم والسعي إليه التقى خلالها بأبرز علمائها ، حاله حال علماء المسلمين ، سمع وقرأ وارتحل وكتب وحدث وأجاز ، فكانت له رحلة إلي بلاد الشام وأفريقية والأندلس وسوريا ومصر والحجاز والعراق والأسكندرية ودمشق فسمع من الصوري وبن عساكر ودرس الحديث بالظاهرية وغيرها.

ومن أبرز مشايخه الذين ارتحل إليهم وكان لهم عظيم الأثر في حياته وتكوين شخصيته العلمية والأدبية أستاذه الفقهيه ابن دقيق العيد فقد لازمه وتخرج عليه واعاد عنده وكان يحبه ويثني عليه كما تعلم على يد الشيوخ من أصحاب المسند أبي حفص بن طبرزد والعلامة أبي اليمن الكندي والقاضي أبي القاسم الحرستاني والصوفي أبي عبد الله بن البنا و أبي الحسن بن البنا وغيرهم وأجاز له جماعة من الرواة بالحجاز ، سمع من غازي والعز.

أخذ العربية عن البهاء بن النحاس وكتب الخط المغربي والمصري فاتقنهما.
أما تلاميذه من أشهرهم الحافظ شمس الدين الذهبي وصلاح الدين الصفدي.
ومن أعماله البارزة عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير ( جزآن ) ومختصره نور العيون في تلخيص سيرة الأمين المأمون وبشرى اللبيب بذكرى الحبيب ( قصائد نبوية) وشرحها في مجلد وتحصيل الإصابة في تفضيل الصحابة والنفح الشذي في شرح جامع الترمذي ( لم يكمله ) والمقامات العلية في كرامات الصحابة الجلية ومنح المدح وكانت بينه وبين الصلاح الصفدي مراسلات إدبية اوردها الصلاح في أكثر من ١٥ صفحة من ألحان السواجع.

وله قصائد كثيرة وشعر متعدد الأغراض وصف بالسهل الرقيق ومن شعره مطلع القصيدة العينية في مدح النبي وذكر كرامات الصحابة.
وصنف السيرة الكبرى والصغرى وشرح الترمذي.
ولم يكن بمصر في مجموعه مثله في حفظ الأسانيد والمتون والعلل والفقه والمدح والأشعار والحكايات.

ترك الإمام للأمة مصنفات عديدة منها مطبوع متداول في عصرنا ومنها مالايزال مخطوطا في المتاحف والمكتبات ومنها ما فقد واشارت إليه كتابات المؤرخين.
أعقبه الله السلامة في دار الإقامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى