شعر وأدب
لقاء ..

بقلم ياسر سعيد
صحفي بالأهرام
و التقيته ..
صدفة غير متعمدة بعد سنوات من الضياع و الفراق ، و كأننا بالأمس .. كما تركته .. مُحَير و عيناه تنبئان بقوة عن متناقضاته ، كل ما اختلف عنده مزيداً من الشيب في لحيته و رأسه ..
ابتسم كعادته بعينيه عندما رآني ، لم أشعر إنه غريب رغم الابتعاد و امتداد السنين ، لكن لم يكن قلبي هاديء كما هو لقائي بكل الآخرين ..
كنت أنا سبب الفراق – أعترف دون تفاصيل – لم أتخيل يومها أن يحدث ذلك و أن تمر كل هذه الأعوام ، هل كنت أنانية لم أفكر الا في نفسي ، هل استسلمت بسهولة لظروفي و تخليت عنه بمحض إرادتي .. ؟!
أتذكره حين ابتعد بعد مماطلتي له قائلاً :
” حفاظاً علي كرامتي ” .. !!
وكأن تفاصيله كلها لم تغب عني يوم أحببته ، لا يعلمها الا أنا و ربما أخري التقاها بعد الفراق .. لا أعلم .. !!
أحفظ عن ظهر قلب كل ما يحب و يكره ، ضحكته بكل أسرارها و صوته الرائع .. نظرته الحادة وقت الغضب .. ما يُغضبه و كيف يُصالح ، كيف توتره .. كيف يبتعد و يقترب .. كيف يُركز و كيف يتجاهل .. أعرفه وقت صمته و تأمله فيما يفكر و ماذا يدور في رأسه .. أعلم كيف يحزن و علام يفرح ، بل حتي دموعه لم تنهمر يوماً الا أمامي .. !!
رغم هذا كله أحسست جداراً هائلاً يفصلنا في لقاء تم محض صدفة تلي أعواماً من الفراق .. !!
كيف لتمام المعرفة أن تتعارض هكذا مع الذكري .. ؟!
هل ما زلت أحبه .. ها هو أقرب ما يكون مني و هو أمامي ، هل لم يعد لي مكانة في قلبه و حياته ؟
لم يرتبط .. لم يحب .. لم يتزوج ، هكذا أخبرني بهدوء و بمسحة ألم بدت علي ملامحه وقت سؤالي ..
أسئلة ..
أسئلة ..
أسئلة ..
كلها داخلي ، هل أسأله أم أسال نفسي لمَ ارتضيت الفراق و كنت سببه .. لمَ أضعت مني حبه .. لمَ لمْ اتجاوز ظروفي الصعبة حينئذ و لمَ رأيت زواجنا أمر محال .. لمَ تركت أحلامي تنهار أمام عيني و كان بوسعي أن تتحقق .. ؟!
لمَ لمْ أنفذ قراري في بقائي معه وهو من عوضتني الدنيا به عن كل ما فقدته خلال حياتي .. ؟!
مليون سؤال و سؤال بلا إجابة مُقنعة سوي ندم كوحشٍ كاسر يلتهمني و يلتهم مشاعري ..
كيف تخليت بهذه السهولة عن رجل أحببته و كان يوما كل عَالَمي .. و لايَزال .. !!