الصوفي الحقيقي… والرجل المحترم فعلًا

الكاتبة الصحفية شيرين عصام
الصوفي الحقيقي، والرجل اللي يحترم نفسه ودينه، لما ينصح بينصح في السر، لا يفضح، ولا يشهر، ولا يحرض الناس على امرأة، ولا يرفع صوته كأنه وكيل عن السماء.
الدين عمره ما كان صراخ، ولا استعراض، ولا تسليط على الضعفاء.
أما هذا النموذج الذي شاهدناه، فهو نموذج فجّ من الرياء والنفاق،
ورسالته الأخطر أنه يتكلم باسم الدين…
ومش كل من نطق باسم الدين نصدقه.
نعم، أنا ضد تصرف البنت،
وحتى لو لم تلحق بعربة السيدات، كان المفروض تجلس بأدب،
فهي وسط مجموعة كبيرة من الرجال، وهذا لا خلاف عليه.
وأنا شخصيًا أقف على خط الرصيف المكتوب عليه «عربة السيدات»
حتى أضمن أن أركب في المكان المخصص لي، احترامًا لنفسي قبل أي شيء.
لكن…
من أول وهلة، تصرف هذا الرجل لا يحمل نخوة، ولا دين، ولا تربية.
الدين لا يعطي أحدًا رخصة لإهانة امرأة،
ولا يسمح بالاعتداء اللفظي،
ولا يبيح تحويل المترو إلى محكمة أخلاقية مفتوحة.
هذا النوع من الأشخاص إذا تُرك بلا حساب،
سنجده قد تحول إلى قدوة زائفة لجماعات بعينها،
تخرج إلى الشارع لتتحكم في النساء،
وتنصب نفسها أوصياء على الأخلاق،
وتُربي الناس بالقسوة، لا بالقيم.
وهؤلاء نراهم كل يوم:
في الشغل،
في الجيران،
في الشارع،
بل أحيانًا بين الأقارب.
والكارثة ليست في الرجال فقط،
بل في سيدات أيضًا لا يعرفن من الدين إلا الحجاب أو النقاب،
بينما هن بعيدات كل البعد عن صلة الرحم،
والأخلاق،
والرحمة،
وجوهر الدين.
الدين لا يُقاس بلبس،
ولا بلحية،
ولا بنقاب.
الدين أخلاق،
وعدل،
وضبط نفس،
واحترام للإنسان.
وأمام ما حدث،
أنا أطالب بمحاكمة الرجل المسن
لممارسته اعتداءً لفظيًا صريحًا على سيدة داخل المترو،
لأن السكوت عن هذا السلوك
هو بداية الفوضى الأخلاقية الحقيقية…
وليس العكس.




