شعر وأدب

بين “النص” و”التجربة”..!!

بقلم ياسر سعيد
الصحفي بالأهرام
في ردهة عتيقة مظلمة الا من إضاءات خافتة كتلك التي تلي مباشرة أبواب القصور الشاهقة للملوك والأمراء جلس “النص” علي مقعد خشبي قديم وقد امتلك مفاتيح الذاكرة، تجلت في المقعد المقابل له “التجربة”.. إمرأة لا تشبه النساء.. وجهها مليء بالندوب والعلامات، عيناها تري أعماق “النص” دون استئذان أو شفرات..
– التجربة: أين كنت؟
– النص : كنت أكتب..
– التجربة(بلهجة قاسية): عن ماذا تكتب..؟
– النص: عن كل شيء وأي شيء.. عن الصعود والسقوط.. عن المشاعر والعَبرات.. عن الكراهية والحب.. عن الأحزان والأفراح.. عن كل الأشياء.. أشياء رأيتها حقيقة واقعة حينما وضعتها علي الأوراق..
– التجربة: إذن.. تكتب عني دون أن تمر بي، هذا ليس نصًا بل وهمًا..
– النص(مطرقا برأسه) : حَسبُت الخيال يكفي.. أخلق المعاني دون أن أمر بها متجنبًا الآلام..
– التجربة (وعلي وجهها ابتسامة خبيثة) : المعاني لا تُخلق.. بل تُكتشف وثمن الاكتشاف أن تمشي حافيًا علي أشواكي.. كلها..!!
كيف ستكتب عن الفقد.. ؟!
هل جربته..؟!
كيف ستحكي عن الخذلان..؟!
هل عضّ قلبك من قبل..؟!
كيف تروي لنا عن النضج..؟!
هل فقدت أجزاء منك في الطريق إليه..؟!
– النص (بعينين ذاهلتين): فهمتك.. أن أكتب دون أن المس الشعور بنفسي هو مجرد رسم – لا أكثر – للكلمات..
– التجربة ( وهي تهم بالرحيل): اترك نفسك للزمن ثم أعد الكتابة، لا لكي تُدهشنا بل لتقص علينا كيف نجوت وماذا تعلمت في مواجهة الحياة..!!
،،،،،،
قبل أن تغادره وتذهب من أمام عينيه لوّحت بيديها قائلة له “أنا لست عدوًا لك يا صديقي..” صدقني، ستعرف حتمًا يومًا ما أنني الحبر الحقيقي لأقلامك..
ثم اختفت تمامًا وتركته متأملًا في صمت..!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى