مقالات

مستقبل الولايات المتحدة الأمريكية والعالم أجمع في ظل توسع تيار اليسار الأمريكي

 

بقلم د.محمد عبد العزيز
كاتب وباحث اقتصادي ومتخصص في الشئون الإفريقية

اليسار تاريخيا يعبر عن كل طبقة مخالفة لطبقة النبلاء وكل توجه علماني لا يتبناه رجال الدين في الكنيسة لأن النبلاء ورجال الدين كانوا يجلسوا على يمين الملك في فرنسا قبل الثورة الفرنسية ، لكن طبقة اليسار الموجودة الآن في الولايات المتحدة الأمريكية تدعي الثقافة وهم لا يقرأون وينقسم هذا اليسار الغريب لأفكار وتوجهات عديدة بعضها يحمل السلاح ويعادي الدولة وبعضها يعادي الأديان كلها ويدعم المثلية وحق الإجهاض ويعادي أي سلطة سياسية أو اقتصادية ويعادي أوروبا ويعادي الصين ويعادي روسيا وهذا استعلاء لا يتماشى مع أسس الفكر اليساري القائم على احترام الآخر وعدم الاستعلاء ، أنا لست شخص يساري لكني أرى أن أرضية اليسار الحالي في الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت فسيفساء متعددة بشكل لا يمثل التعدد بقدر ما يشكل الرعب على مستقبل الولايات المتحدة الأمريكية وربما على العالم أجمع خاصة إذا ما وقعت السلطة والسلاح الأمريكي في يد هذا اليسار الغريب بعد صراعات داخلية ، هذا اليسار الغريب هو سبب الديون الأمريكية وعدم الرغبة في التفاوض مع روسيا أو الصين في الأمور الخلافية ، هذا اليسار الغريب يعادي الأديان ولازال يرى الشعب الأمريكي على أنه مميز عن بقية شعوب العالم ولا زال يدعم الكيان الصهيوني ، فأي يسار هذا ؟!

لقد ذكر الرئيس السابق دونالد ترامب حركة يسارية أمريكية بالاسم هي “أنتيفا” واتهمها بإشعال احداث الفتنة عقب مقتل مواطن أمريكي من ذوي البشرة السمراء يدعى “فلويد” ، تعني كلمة “أنتيفا” مناهضة الفاشية وهي حركة تعادي النازيين الجدد وتعادي أي سلطة في الولايات المتحدة الأمريكية ويتهمها البعض باستخدام السلاح في بعض المناطق ضد المزارعين الأمريكيين.

ومن الجدير بالذكر أنه تنتشر الأفكار اليسارية في الولايات المتحدة الأمريكية بين طلاب الجامعات وحديثي التخرج بسبب أعباء الديون لسداد المصروفات الدراسية وتضغط أعباء الدين الداخلي على المواطن الأمريكي خاصة بعد جائحة كورونا حيث ارتفعت أعباء الدين الحكومي في الولايات المتحدة الأمريكية إلى ٤٧٥ مليار دولار لعام ٢٠٢٢ بزيادة تخطت ٣٥% عن العام السابق له ، لكن اليسار الأمريكي لازال أمامه الكثير لكي تقتنع به العديد من الفئات العمرية والجماعات العرقية في الداخل الأمريكي لأن بديل الإقناع هو الصراع والانقسام الداخلي بشكل مسلح يهدد إستقرار الولايات المتحدة الأمريكية ويهدد استقرار العالم أجمع وهذا الانقسام الداخلي يظهر جليا في اقتحام مبنى الكابيتول وملاحقات رئيس أمريكي سابق “ترامب” ومداهمة منزله للتفتيش وتجديد لائحة الاتهام له بشكل شبه أسبوعي فضلا عن تهديد أي فرص لترشحه مرة أخرى إلى منصب الرئاسة وكل هذا يعبر عن صراع بين الحزب الديموقراطي الذي يمثل اليسار الأمريكي وبين الحزب الجمهوري الذي يمثل اليمين الأمريكي ووفقا لمعظم الباحثين أصبح اليمين الأمريكي أكثر اعتدالا وعقلانية من اليسار الأمريكي في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية والعالم أجمع وهو ما يطرح السؤال حول مستقبل الحياة السياسية في الداخل الأمريكي ومستقبل الولايات المتحدة الأمريكية والعالم أجمع وهو ما ستجيب عليه الأحداث في قادم الأيام ، لكن يمكن استشراف احتمالات تشكل هذا المستقبل وفقا لثلاث فرضيات كما يلي:-

.. تطور اليسار الأمريكي
عند تطور اليسار الأمريكي وقدرته على الإقناع بعيدا عن الصدام سوف يكون يسار تقدمي وحدوي قادر على التعاون والتفاوض مع الآخر في الداخل والخارج
.. جمود اليسار الأمريكي

عند جمود اليسار الأمريكي سوف تظل حالة الاحتقان والتصعيد بين اليمين واليسار في الداخل والتخبط في العلاقات الأمريكية مع العالم الخارجي ما بين إدارة أمريكية يسارية تارة وإدارة أمريكية يمينية تارة أخرى

.. تراجع اليسار الأمريكي
عند تراجع اليسار الأمريكي في الساحة السياسية الداخلية سوف يستعيد اليمين قوته من جديد ويصبح الداخل أكثر استقرارا وتصبح علاقات الولايات المتحدة الأمريكية والعالم أكثر استقرارا

 ختاما أود القول أن نخبة اليمين الأمريكي من البيض البروتستانت المتدينين لديها فرصة تاريخية للتطور فكريا وسياسيا واقتصاديا لجذب الشباب من مختلف فئات وعرقيات المجتمع الأمريكي في مواجهة التمدد اليساري الحالي والتصدي لأي محاولات لتقسيم الداخل الأمريكي أو هيمنة اليسار الأمريكي على الداخل الأمريكي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى