زمن بالسالب.. بقلم إيهاب همام

“إن الزمان ليعيد نفسه” عبارة تكمن فيها معالم عصرنا الحالي بل إنه ليعيد نفسه للأسوأ.
نعاهد في أيامنا هذه الكثير من الدمار الذي اعتدنا وجوده لدرجة الألفة.. رأينا خيانة الصديق، وأذى القريب، وعقوق البنين.. تشتَّتت الأنفس بين روتين الحياة، وانهارت العلاقات بين حسد القلوب.. أصبح انهيار البيوت سهلًا هينا كبيت العنكبوت.. لقد سقطت العقول لدرجة الانحطاط وانتكست فطرة الإنسان.
كنا ننكر عادات الجاهلية الغريبة، التي أصبحت لا شيء مما نحن عليه الآن.. أما كان معتقداهم البعيدة عن منهج اللَّه والمعادية لفطرة الإنسان هي سبب دمارهم.. أما جاء الإسلام لينشر المودة والسلام. فكان من خطة بناء الأمة الإسلامية في المدينة هي “المؤاخاة” ؟
أما كان من المفترض أنه كلما تقدم الزمن تقدمت العقول ونضجت! فبدلًا من تطور العقل بالوعي الإسلامي، انجرف وراء سيل من الأهواء التي عادت بنا إلى نقطة الصفر . بل تخطت حد السوالب في طريقها للسقوط إلى سالب ما لا نهاية .
تذكرت جملة كُتبت في كتاب التاريخ عن أهمية دراستنا لتاريخ الأمم السابقة، وهي اكتساب الخبرات والتعلم من أخطاء القدامى .. ومن ثم ابتسمت ساخرًا : أعلمنا التاريخ لنتعلم من اخطاءهم أم لنسابقهم في قطع أميالٍ من العيوب.
وإذا قابلت أحدهم لعن الدنيا بزمنها ومكانها، وأصبح المتهم الأول هو الزمان، زمنًا قطعت فيه الأرحام، واجتمعت فيه المفاسد من قوم نوح ولوط.. وهامان وقارون وفرعون ..
زمان قيل عنه رسول الله(صل الله عليه وسلم) :« بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ..»
أحقًا العيب في الزمان أم نحن سبب العيب؟!
أتعلمون أن قمة الجهل تكمن في كثرة العلم؟
مثير للغرابة أليس كذلك؟ لكن تلك هي حقيقتنا الواقعية، نعلم العيب والحرام ولكن اعتدناه فأصبح عاديًا وتناسينا مجيء خمسين ألف عام لنتحاسب على خمسين عام ‘ّ. ومازلنا نتعايش بشكل طبيعي يصل إلى حد اللامبالاة. العلم لدينا مجرد ورقة تزين الحائط.. والحياة عبارة عن تتابع من الواجبات والاحتياجات اليومية.. كحياة فريسة أصبحت للبحث عن طعام يومها، إلى أن يأتي موعد يتم التهامها.
وهكذا … ندور بدائرة مغلقة..نعود لموضع البداية ومن ثم الإتجاه المعاكس ليمر العمر دون فائدة.