مقالات

كان ياما كان.. بقلم الأديب د. طارق رضوان جمعة

في ليلٍ ساكن، كـان ياما كـان، و يُـحكى أنّ ، و في ذات لـيله. جميعُـها بـدايات لحكايات جدتى … لأقصـوصات، تعلمت منها الكثير. وماتت جدتى وأفتقدت حنانها ولم يعد للروايات معنى. ذهبت وأوصـدت الأبــواب خلفُــها. وتركت لى ذكريات أرويها لأبنائى وأحفادى. فهنا قصة قصور حيث يولد الملوك ولا يولد السلام، حيث كل حجر بمثابة مطبخ سياسى عتيق يأبى أن يبوح بأسرار التاريخ. فراعنة وأنبياء، ومعابد وكهنة ورائحة البخور تفوح فى المكان ونجوم تتلألأ فى سماء صافية وأضواء المشاعل تتراقص فوق الجدران. هذه سندريلا وهذا الشاطر حسن. وتلك حكايات أبلة فضيلة فى الصباح. فى روايات جدتى، عشت مع الملك مينا موحد القطرين، وصافحت أخناتون…أي روح آتون… إله الشمس. وهو من دعى للتوحيد. فحين يحارب الإنسان معبد الزمن، إما أن يولَد نبيًا…أو يُمحى كأنه لم يكن. أن كل شمس تُنبت ظلًا، وكل ثورة تترك خلفها قلبًا صغيرًا يتعلّم السير فوق رماد عظيم. ومات اخناتون أو قُتل. وورث أبنه العرش…

توت عنخ آتون — ابن النور، ووريث حلم لا يملك كفّين تحمله. لم تفهم عيناه لماذا يبكي الناس حين تغيب الشمس، ثم يهمسون حين تشرق. يلعب بين الأعمدة، يضحك كأن العالم لا يختبئ خلف الأبواب، ولا يدري أن كل ضحكة طفل هي تحدٍ مكتوم لقلوبٍ تشتعل حقدًا على أبيه. كان أخناتون ينظر إليه أحيانًا كمن يرى جزءًا منه لم يكتمل، ويتحسس رأسه الصغيرة وكأنه يعتذر عن معركة لم يخترها الأبن … وعادت سطوة الكهنة التي امتدت للطفل الذي وقف حائرا أمام عرشٍ أكبر من طفولته. كان اسمه طويلًا كحلم أبيه: توت عنخ آتون. لكنهم رأوا في اسمه خطرًا وخطيئة… فشقّوا الاسم كما تُشق الروح، ومحوا الشمس منه ..ليظهر باسمٍ آخر: “توت عنخ آمون…”

لم يكن صراعًا بين دينين، بل بين معابد عتيقة وسماءٍ أرادت أن تُنشد لحنًا واحدًا.
صار الطفل ملكًا… لكنه ظلّ ضيفًا في قصره، يمشي بين التماثيل كمن يخاف أن تلتهمه الأحجار، ويبحث في الهواء عن نفسٍ من أبيه، كأن النور تركه قبل أن يتعلّم لغة الضوء. كان يسمع الليل يتهامس عن أبيه: “ذاك الذي جرّب أن يرفع الحقيقة وحده، فسقط وحده.” ونام توت عنخ آمون في أحضان الأرض، وانطفأت ممالك، وتكسرت تيجان، وأصبح الكهنة الذين محوا اسم أخناتون غبارًا . وبعد قرون خرج الطفل من نومه الأخير، وظهرت مقبرة توت عنخ اتون، ليس ملكًا خائفًا، بل أيقونة، شمس تنير الطريق وتعلم العالم أجمع معنى الخلود والتوحيد.

هكذا تعلَّم التاريخ درسًا واحدًا لا يشيخ: قد تهزم الحقيقة يومًا…لكنها لا تموت. حتى وإن دفنوها. لم ينتصر أخناتون في زمانه،
لكن الزمن نفسه عاد وانحنى له. ولم يعش توت طويلًا،
لكن موته كان حياة ثانية لنورٍ حاولوا خنقه.

وهذا سيدنا النبى محمد عليه وعلى أنبياء الله الصلاة والسلام يوصى أبو هريرة بحراسة زكاة الفطر واللي كانت عبارة عن تمر وقمح وغيره من الحبوب.

وفي يوم بالليل سمع أبو هريرة صوت في المكان الموجود فيه الأكل فدخل بهدوء ليرى ما الأمر، فوجد رجل يغترف بيده من التمر بدون أي إستئذان، وحين رأى سيدنا أبو هريرة أمامه أصابه الذعر. واراد أبو هريرة أن يسلمه للنيى- صلى الله عليه وسلم- حتى يُحكم عليه بحد السرقة، فما كان من الرجل إلا أنه تظاهر بالحزن وقال أن شدة فقره هى ما دفعته للسرقة فهو أبا لأطفال جوعى ووعد الرجل أبو هريرة بألا يفعل هذا مرة أخرى. فعفى عنه أبو هريرة.

وذهب أبو هريرة للنبى فوجد النبى يسأله عن هذا الرجل: ” ما فَعَلَ أسِيرُكَ البَارِحَةَ؟” فتعجب ابو هريرة لأنه لم يحكى أى شىء للنبى.

فنظر سيدنا النبي لأبى هريرة وقال إن الرجل كذاب وإنه سيعود مرة أخرى ليسرق بالليل، قال صلى الله عليه وسلم:”أَمَا إنَّه قدْ كَذَبَكَ، وسَيَعُودُ”.

وبما إن سيدنا النبي صادق لا يكذب أبدًا ولا ينطق عن الهوى؛ فأبو هريرة اتأكد إن الحرامي سيعود ليسرقه مرة أخرى. وبالفعل عاد السارق وكرر نفس الوعد مع بكاء شديد وبنفس الأعذار. وعفى عنه أبو هريرة للمرة الثانية.

وذهب أبو هريرة فى الصباح لسيدنا النبي، فسيدنا النبي سأله عن الرجل وقاله:” ما فَعَلَ أسِيرُكَ البَارِحَةَ؟”فأبو هريرة قال له إن الحرامي رجع فعلًا واقسم إنها أخر مرة ولن يعود للسرقة، فسيدنا النبي قاله إن الرجل كذاب وسبعود لثالث مرة ليسرق. أَمَا إنَّه قدْ كَذَبَكَ، وسَيَعُودُ”.

فما كان من أبى هريرة إلا أنه إختبأ وراقب المكان وفعلًا اتى اللص وبدأ يسرق للمرة الثالثة. وهذه المرة أصر ابو هريرة أن يأخذه للنبى، فقرر الرجل أن يتفاوض معه مقابل إنه يطلق سراحه ؛فقال أتركنى فى مقابل أن أعلمك شىء تفيدك؟ فقال : “إذَا أوَيْتَ إلى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيّ، فإنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، ولَا يَقْرَبَنَّكَ شَيطَانٌ حتَّى تُصْبِحَ”وتركه ابو هريرة. وفى الصباح حين ذهب أبو هريرة للنبى قال له النبى- صلى الله عليه وسلم- :”أَمَا إنَّه قدْ صَدَقَكَ، وهو كَذُوبٌ”. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” أتَعْلَمُ مَن تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلَاثِ لَيَالٍ يا أبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: ذَاكَ شَيطانٌ”. فاذكروا على اى شىء اسم الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”وَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا”. وقال صلى الله عليه وسلم:”إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان: أدركتم”.

رحم الله موتانا موتاكم وأجدادى وأجدادكم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى