شعر وأدب

من القلب.. “تفاوت” بقلم د/ مها علي دليور

جلست على إحدى الطاولات في فصلها في أول يوم دراسة و فتحت حقيبتها الزرقاء التي أخذتها من أخيها الذي يكبرها و أخرجت مقلمتها الجديدة ذات السحاب المزينة ببعض النجوم الملونة وأخرجت أدواتها فالتفتت إلى زميلتها وجدتها تفتح حقيبتها اللامعة المرسوم عليها إحدى أميرات ديزني وتخرج مقلمتها حديثة الطراز ذات المبراة والآله الحاسبة وبها ثلاثة جيوب مليئة بالأدوات المبتدعة الأشكال، فضمت شفتيها بضيق وتذكرت والديها وهما يحسبان ما تبقى معهما من مال بعد أن اشتريا لها ولأخويها أدوات المدرسة، فألقت من رأسها ما تفكر فيه وتذكرت أن زميلتها وحيدة والدتها التي تعمل في إحدى الشركات الخاصة المشهورة والتي جلست في بداية يوم العمل المعتاد وبدأ الموظفين يجمعون المال لشراء الإفطار وهي بعادتها لا تشترك معهم وتحضر صندوق طعامها من البيت كما اتفقت هي وزوجها حتى لا تسرف في إنفاق المال كزملائها للتفاخر بشراء وجبات من أغلى المطاعم، فعليهما من الأقساط ما يلتزمان بسداده شهريا، مر عليها زوجها في نهاية اليوم بسيارته ليصحبها لإحضار ابنتهما الوحيدة من المدرسة فوقعت عيناه على أم تصحب ثلاثة أطفال كثيري الشغب وهي تشاركهم في شغبهم و تملأ ضحكاتهم ساحة المدرسة فتذكر زوجته التي سلب المرض روحها فتسقط من أقل مجهود ممددة على السرير تاركة كل شيء خلفها، فيبدر إلى ذهنه زميله المتزوج منذ خمسة سنوات ولم يرزق بأطفال فيشم رائحة زكية فيلتفت يجد ابنته يرتطم جسدها به وتلف يديها حوله فيراها زهرة متفتحة بين زملائها فيحملها ببهجة عائدا للسيارة ويضغط على الكلاكس لتفسح السيدة ذات الثلاث أطفال التي تنتظر حافلة الأجرة لتعود للمنزل وتقف بجانبها ابنتها حاملة الحقيبة الزرقاء تدور عيناها متفحصة العالم من حولها فتصدمها فتاة في مثل عمرها تحمل حزم الجرجير و النعناع وتمد يدها للناس لإعطائها المال.

لكل بيت ظروفه و في كل إنسان ما يكفيه و قسمت الأرزاق بالتساوي بين الناس  ومن تراه بعينك سعيد يحمل من الهم ما لا تستطيع فقط التفكير فيه ومن تراه شقي يلتمس السعادة في أقل الأشياء فتراه محلقا بها في عنان السماء فلا تنظر لما في يد غيرك فسيكون ثقيلا عليك ولا تتمنى حال غيرك فلن يتناسب معك فكل شيء عنده بمقدار و لا ينقصنا إلا الرضا و الإيمان.

د/ مها علي دليور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى