شعر وأدب
قصة قصيرة “صفعة مؤجلة” بقلم الأديب الروائي فاضل محمد الربيعي

عيناه واهنتان مُلئَت بذبول غريب التصق جسده النحيل بذلك الجدار العتيق الذي عُلقت عليه صورة والده المرحوم وكانه يلوذ بها , يهتز جسده الغض الذي لم يتجاوز العقد الاول برعشة تكاد تهوي به ارضا . حُبست كلماته يحول نظره المشوش لوالدته التي قبعت خلف ماكنة الخياطة مصدر عيشهما الوحيد , يهمهم بحروف متقطعة وبصوت مبهم يقترب من والدته بصعوبة و تنتبه للصبي وحيدها الذي حوته من زمن الجحود هو املها في الحياة بعد غياب والده بحادث مجهول , تتوضح نبرات صوته وهو يردد :- اماه .. انا مريض … احتاج نستلة ! من النوع الذي يهديها لي صديقي سمير.
تنظر بعينيه التي تشكو من وهن وحزن عميق وهو بعمر الورد , تطوقه بذراعيها و تقول :- اي دواء حبيبي ؟ . لاحظت عليه اخيرا انه يزداد نحافة ولا يهتم بطعامه كالسابق , وشروده المستمر اوجع قلبها عليه . تزداد رعشة جسده النحيف ويكاد يفقد اتزانه . تتمسك به جيدا وتنتبه لشتات تركيزه . :- ولدي .. ماهو الدواء ؟ نستلة !. بصعوبة يجيب والدته :- نعم يااماه .. نستلة يوزعها ابو سمير صديقي في الفصل على الطلاب نحس بعدها بنشوة ونسبح بفضاء رحب عذب.
وقد قطعها عنا منذ اسبوع . سكت قليلا ليلتقط انفاسه اللاهثة بصعوبة يعاود بهمس :- عند سؤالي والد سمير عن مزيد من النستلة طلب مني حضورك اليه .. وجئت اخبرك بذلك ولنذهب سويا حتى اتزود بالدواء احسني مرضت بالنستلة !.حدقت الام بولدها الذي سقط بهاوية المخدرات بدون علمه ونطق العار بدون وعي . اشتاط غضبها ورفعت كفها لتصفعه عما قاله من خزي وعار تحرك كفها ولكن قبل ان تنهال على وجه ولدها تاجلت الصفعة وارتخت يدها لتتحول لطوق حنان يضم الصبي لصدرها حين احست انه ضحية غدر لشياطين الانس الذين سرقوا حتى براءة الاطفال فهم من يستحق الصفعة . سكن الصبي بين ذراعي والدته وانهمرت دموعه ليغسل الشجن الذي اثقل صدره الفتي . انطلقت الام لمركز الشرطة جلست امام المحقق تشرح وضع ولدها وتطلب من المسؤل ان يودع ولدها المصحة الخاصة بالمخدرات وان يوقع العقاب بمن وضع السم باجساد الفتية الابرياء وقالت بصوت جهوري :- احرصوا ان يكون الردع بحجم لوعة قلوب الامهات على فلذات أكبادهم.
فاضل محمد الربيعي




