وجوه بوجهين.. لماذا نُحسن للغريب ونُسيء للأقرب؟

✍️ بقلم الكاتبة الصحفية: شيرين عصام
في مفارقة غريبة تعكس خللًا في ميزان العلاقات الإنسانية، نجد كثيرين يعاملون مَن يحبونهم بمبدأ “الضمان”. الزوجة ترى زوجها موجودًا فلا تهتم بكلمة حلوة أو لمسة تقدير. الزوج هو الآخر ينسى أن الكلمة الطيبة تسبق الإنفاق، فيُشعر زملاءه في العمل بالتقدير بينما يترك زوجته جافة المشاعر.
الأبناء كذلك يتركون أمهاتهم في عز الوحدة بحجة أنها “موجودة ومش حتروح”، لكنهم لا ينسون إرسال التهاني والرسائل الرقيقة لأصدقاء لم يروهم منذ شهور. حتى الأصدقاء أنفسهم، قد يُهملون رفيق الدرب بحجة أنه “عارف قيمته”، بينما يفتحون صدورهم للغرباء بابتسامات ومجاملات مبالغ فيها.
هذه الازدواجية في المعاملة لا تدمّر فقط الروابط الأسرية والاجتماعية، بل تكشف عن خلل في فهمنا الحقيقي للإنسانية. فالمعاملة الطيبة لا تُقاس بمسافة القرب أو الغربة، بل هي سلوك أصيل يجب أن يبدأ من الداخل، من دائرة الأحباب قبل أن يمتد إلى الآخرين.
ولعل أخطر ما في الأمر أن “التجاهل المتعمّد” يقتل الحب ببطء. كثير من العلاقات تنكسر لا بسبب الخيانة أو المشاكل الكبيرة، ولكن بسبب الاعتياد والاستهانة بمشاعر من نحب.
إننا بحاجة إلى مراجعة أنفسنا.. أن نسأل: لماذا نُحسن للغريب ونجامل البعيد، بينما نبخل على الأقرب بابتسامة أو كلمة طيبة؟ الحقيقة أن الكلمة الطيبة صدقة، والاهتمام لا يُكلف مالًا، لكنه يُعيد إحياء قلب ربما مات من الجفاء.
فلتكن البداية من بيتك، من أقرب الناس إليك. عاملهم كما تعامل الغريب، بل أجمل. وقتها فقط سيكون لطيبتك معنى، ولحبك قيمة.