فن

“نصر أكتوبر” لوحة الفنانة د. علا يوسف .. أيقونة بصرية للبطولة والانتصار

بقلم
صموئيل نبيل اديب

يحتل نصر أكتوبر مكانة استثنائية في الوجدان العربي والمصري بوصفه رمزًا للعزة والكرامة وقد سارع المبدعون في شتى المجالات لتقديم أعمال تخلد هذه اللحظة الفارقة وفي هذا السياق يبرز الفن التشكيلي كأحد أعمق أشكال التعبير البشري عن مشاعر النصر والفخر لتتحول به الأحداث العسكرية إلى أيقونات خالدة تروي قصص الأبطال

من أهم هذه اللوحات لوحة ( نصر أكتوبر ) للفنانة أ.د. علا يوسف أستاذ ورئيس قسم التصوير بكلية التربية الفنية جامعة حلوان، بعنوان ” لوحة النصر ” و هى عمل فني شاركت به الفنانة تعبيرا عن انتصار اكتوبر 73 فى معرض ضخم بعنوان ” أكتوبر طاقة سلام ” بقاعتى صلاح طاهر و الموسيقية بدار الأوبرا، بمناسبة ذكري حرب اكتوبر المجيدة، وقد تم تكريمها عليه من عدة جهات كان آخرها أكاديمية ناصر العسكرية للدراسات العليا، حيث كرمها سيادة اللواء/ أشرف محمد فارس مدير الأكاديمية.

تُعد هذه اللوحة، التي عُرضت ضمن فعاليات معرض «أكتوبر طاقة سلام»، تجسيداً فنياً قوياً لحظة تاريخية فارقة، وهي عبور قناة السويس والانتصار في حرب أكتوبر 1973، حيث ركزت الدكتورة علا على تحويل الحدث العسكري إلى أيقونة بصرية للبطولة والقوة الوطنية.

جذب هذه اللوحه اهتمامات النقاد و الفنانين لما احتوته علي لمسات فنية منها :

1- تكوينها حيث يعتمد التكوين على الزخم الديناميكي وخطوط الحركة القطرية (الديجيتال). يمثل قارب العبور الذي يقل الجنود الخط الأساسي في المشهد، حيث يميل للأمام وإلى الأعلى، موحياً بالاندفاع والقوة الهجومية.

و نقطة التركيز (Focal Point) حيث تتجه الأنظار مباشرة نحو مركز التكوين وهو الجندي الذي يرفع العلم المصري عالياً. إن موقعه المرتفع، محاطاً بحركة زملائه القوية ومهدداً بقوة الصواريخ والطائرات في الخلفية، يجعله رمزاً للانتصار وتحقيق الهدف الوطني.
الرمزية الجماعية. و حرصت الفنانة على إظهار الجنود بوجوه مغطاة بالخوذات أو باتجاه معاكس للمشاهد، مما يقلل من الفردية ويرفع من قيمة البطولة الجماعية للجيش المصري ككل.

download 2 3 جريدة مؤسسة ايجي تايمز

2. أسلوب الرسم والتقنية (Style and Technique)
الأسلوب: يقع الأسلوب بين الواقعية البطولية (Heroic Realism) و التعبيرية التأثيرية (Expressive Impact) و جاء هدف الفنانة ليس مجرد توثيق مشهد، بل إثارة الشعور بالملحمية والفخر.
و تبدو ضربات الفرشاة جريئة وواضحة، خاصة في تصوير الماء والزي العسكري، مما يمنح اللوحة إحساساً بالقوة والخامّية. الطائرات والصواريخ في الأعلى مرسومة بحدة ودقة، بينما ينصهر المشهد السفلي (حركة الجنود) في كتلة واحدة من الحركة، ليعزز فكرة التوحيد في لحظة العبور.

3. الألوان والإضاءة (Colors and Lighting)
اعتمدت الفنانة على بالتة لونية قوية ودرامية تتناسب مع المشهد العسكري.
* الألوان الدافئة: تسيطر الألوان الترابية والزيتونية والصفراء الداكنة (زي الجنود واليابسة في الخلف)، مما يربط المشهد ببيئة الصحراء والمعركة.
* الألوان الباردة: يكسر اللون الأزرق الداكن الغني للمياه هذا الدفء، موفراً تبايناً حاداً (كونتراست) يثبت اللوحة ويبرز حركة القارب فوقه.
* الألوان الرمزية والنارية: تبرز الألوان الأحمر والأبيض والأسود في العلم كرمز للسيادة. كما يظهر اللون البرتقالي/الأحمر المشع على رؤوس الصواريخ، ليدل على قوة النيران المصاحبة للعبور.

download 3 1 جريدة مؤسسة ايجي تايمز
الإضاءة: الإضاءة درامية ومسرحية. يبدو الضوء وكأنه ينبعث من الأعلى (ربما شمس الصباح الأولى أو ضوء كشاف مكثف)، مسلطاً تركيزه على الجندي حامل العلم وكتلة الجنود المندفعة. هذا التباين الحاد بين النور والظلام (Chiaroscuro Effect) يضيف عمقاً للمشهد ويجعل الحدث أكثر إثارة وإلحاحاً.

4. قوة التعبير (Expressive Power)
تكمن قوة اللوحة التعبيرية في قدرتها على دمج عناصر القوة العسكرية مع الشعور الإنساني:
* الشجاعة والتحدي: يُعبّر التكوين المائل واندفاع الجنود عن العزيمة والإصرار على تحدي الموانع المائية والحصون، وهي رسالة مباشرة عن “روح أكتوبر”.
* التكامل العسكري: تعرض الفنانة بذكاء تداخل وتكامل الأذرع العسكرية (المشاة في القوارب، والصواريخ، والقوات الجوية)، مؤكداً على أن النصر كان نتيجة لجهد شامل ومُنظّم.

* رسالة السلام: كما يشير عنوان المعرض “أكتوبر طاقة سلام”، فإن اللوحة تُعبّر عن أن هذه القوة العسكرية الهائلة (الصواريخ والطائرات) قد استُخدمت كـ”طاقة” ضرورية لا تُقهر، ليس من أجل الحرب في حد ذاتها، ولكن كخطوة حاسمة لاستعادة الأرض وبناء سلام دائم، وهو ما يضيف بعداً فلسفياً للعمل.

من الجدير بالذكر الفنانة الأستاذة الدكتورة علا يوسف هي أستاذ ورئيس قسم التصوير بكلية التربية الفنية جامعة حلوان، عضو المجلس الأعلى للثقافة سابقا، أستاذ زائر في عديد من الجامعات المصرية والعالمية، درست في أكاديمية الفنون الجميلة بميونيخ ألمانيا، وتتلمذت على أيدي كبار الفنانين، شاركت في الحركة الفنية المصرية والعربية منذ تخرجها عام 1984، مثلت مصر في عديد من الفعاليات العالمية: في ألمانيا وروسيا والسويد والنرويج وبلغاريا وصربيا وتركيا وإيطاليا والنمسا والسعودية وقطر والجزائر والعراق واليمن وعمان وتونس .. وغيرهم.
حصلت على جوائز وأوسمة وشهادات تقدير محليا وعالميا، كان أهمها الجائزة الأولى لتصميم نفق ” فرايزينج ” بألمانيا، وسام ليوناردو دافنشى من الأكاديمية الأوروبية للعلوم الطبيعية ، وجائزة “أنت الحياة” من ثلاث دول عربية ، هم : الكويت والسعودية والعراق وقد حضر كبار المسئولين لتكريمها شخصيا، كما تم تكريمها في مصر من الفريق مهاب مميش والفريق أسامة ربيع رئيسا الهيئة العامة لقناة السويس، ومن محافظ مدينة السويس الباسلة، ومن الكليات والمعاهد والأكاديميات العسكرية، ومن وزير الداخلية، وسفير فلسطين، وعديد من الجامعات المصرية والعربية والدولية، كما أن لها مقتنيات في العديد من المتاحف العالمية ، منها ” متحف أوفنج ” بألمانيا ، والمتحف الإثنى تاريخ فنى ييلابوجو، روسيا ، ومتحف الفن الحديث بالقاهرة..

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى