مقالات

تحليل أسباب ودوافع العلو الحالي للمتطرفين اليهود.. نظرة عن قرب

 

بقلم د. محمد عبد العزيز
كاتب وباحث اقتصادي ومتخصص في الشئون الافريقية

إن إسرائيل المزعومة حاليا هي قوة استعمارية تتستر بحق ديني لشعب الله المختار في أرض لم تكن يوما ما خالصة بالكامل لشعب بني إسرائيل الأصليين فضلا عن أن اليهود اليوم هم أعراق وثقافات شتى تجمعهم ديانة واحدة لكنهم ليسوا جميعا من بني إسرائيل الأصليين ؛ فهذه الشعوب الشتى أتت من كل أنحاء المعمورة وتوحدت بمزاعم دينية بعد مجازر النازية المفتعلة ضد اليهود ليتم تشجيعهم بعد الحرب العالمية الثانية على مغادرة أوروبا والقدوم إلى فلسطين في الشرق الأوسط على أنها الأرض الموعودة والمقدسة علما بأنه وفقا لمعتقداتهم هم أنفسهم لا يحق لهم العودة لهذه الأرض قبل ظهور المسيح المنتظر من نسل داوود الملك ليكون المسيح المنتظر ملكا لبني إسرائيل وبناءا عليه فإن قادة إسرائيل المزعومة حاليا من شرق أوروبا ذوي البشرة الصهباء والعيون الخضراء والزرقاء ليسوا من نسل بني اسرائيل الأصليين فنسل بني إسرائيل الأصليين يجب أن يكونوا مثل العرب في صفاتهم الجينية والجسدية فالعرب وبني إسرائيل كلاهما أحفاد لجد أعلى هو سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام وعليه فإن قادة إسرائيل المزعومة حاليا هم قادة لكيان يؤدي وظيفة محددة في تقسيم وإضعاف أي وحدة أو شوكة للعرب والمسلمين أمام الغرب ويدرك قادة إسرائيل المزعومة حاليا أن السبيل الوحيد لبقاء استقرار الداخل الإسرائيلي يكون بالحشد الداخلي للحرب مع المحيط العربي المطوق والرافض لهم ويدرك قادة إسرائيل أن الرفض الشعبي العربي لكيان الاستيطان الصهيوني لن تغيره سياسات الحكومات العربية مهما كان مستوى التعاون والتنسيق بين الحكومات العربية والحكومة الإسرائيلية المزعومة لذلك فإن استمرار التآمر الصهيوني ضد الشعوب العربية لن يتغير مهما كان مستوى قبول الحكومات العربية لإسرائيل المزعومة ويدرك قادة إسرائيل أن بقاء كيان من مختلف أصقاع الأرض لن يستمر بدون ممارسة الحشد الداخلي ضد المحيط الخارجي لهذا الكيان مع استمرار افتعال الأزمات الدائمة لدول الجوار للكيان وإشعال الحروب المستمرة معهم وهذا هو سبب استعانة نتنياهو بالمتشددين المتطرفين أمثال بن غفير وذلك
للأسباب التالية:-

. تمكين عودة نتنياهو من جديد للساحة السياسية في اسرائيل بعد الاتهامات بالفساد التي أطاحت به منذ أقل من عامين
. الحشد ضد العرب الذين رفضوا التنسيق عسكريا مع إسرائيل للتمهيد لضرب إيران ضربة مشتركة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل
. الحشد ضد العرب الذين يرفضوا التصعيد العسكري ضد إيران بل ويسعوا لتحسين العلاقات بإيران بدلا من الانخراط معها في صراع بالوكالة نيابة عن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل
. تكوين حرس داخلي إسرائيلي يكون أشبه بالخلايا الإرهابية من المتطرفين اليهود ليكونوا شوكة في منع التيار المدني الإسرائيلي من التطور ميدانيا وسياسيا بشكل يوقف نتنياهو من محاولاته في الانفراد بالسلطة ويمنع التصعيد العسكري ضد الفلسطينيين وضد العرب لأن هذا التصعيد هو الضامن الوحيد لتماسك الداخل الإسرائيلي وعدم تفككه بعد أن اتضح للقاصي والداني وبما لا يدع مجالا للشك أن الداخل الإسرائيلي أوهن من بيت العنكبوت وأن علو التيار المدني الإسرائيلي سيغير شكل ودور الدولة اليهودية التي يتم الترويج لها منذ نشأتها بشكل يهدد بقاء تلك الدولة ويفرغها من معناها ويغير دورها في الشرق الأوسط الذي رسمته لها الصهيونية العالمية
. التصعيد العسكري الإسرائيلي مع العرب لابد أن يسبقه تصعيد بين الفلسطينيين والإسرائيليين من خلال حرس الإرهاب على أيدي المتطرفين اليهود بقيادة بن غفير ونتنياهو وهو ما تدعمه قيادة البيت الأبيض حاليا كعقاب للعرب على مواقفهم الأخيرة تجاه ملفات رفض وصول مياه النيل لإسرائيل ورفض توطين الفلسطينيين في شمال سيناء وخفض إنتاج النفط العالمي وعدم إدانة روسيا في حرب أوكرانيا والتصالح مع إيران والتقارب مع الصين وبداية بيع النفط بعملات أخرى غير الدولار الأمريكي
و مما تقدم ذكره يتضح أن علو إسرائيل المزعومة حاليا لابد أن يصل ذروته قبل نهاية هذا الكيان الاستيطاني الاستعماري الغاصب وما تؤول إليه الأمور حاليا من تصعيد هو ذروة الضيق والتصعيد في أقصى درجاته والتي تسبق الانفراج باذن الله تعالى بنهاية هذا الكيان الاستيطاني الصهيوني وهذا هو ما يدفعنا كشعوب عربية وإسلامية لضرورة التنبه لما يراد ولماذا باتت إسرائيل المزعومة حاليا كيان إرهابي يستعين بالمتطرفين اليهود علانية دون مواربة أو خجل أو تزيين للمشهد الاستيطاني والاستعماري لأن هذا العلو والتطرف بات آخر ما تمتلكه إسرائيل للدفاع عن آخر فرص وحدتها وبقائها وآخر فرصة لها لتسويق نفسها في الغرب والولايات المتحدة الأمريكية كأداة لعقاب العرب والتسلط عليهم بهدف إجبارهم على طاعة الغرب والولايات المتحدة الأمريكية وطاعة الصهيونية العالمية ومن كل ما سبق يتضح لنا سبب السباق المحموم والمسعور للانتقام من العرب والمسلمين ومحاولة تهويد القدس الشرقية سريعا ومحاولة بداية حروب جديدة في الشرق الأوسط قبل تغيير النظام العالمي وتغيير المعادلة السياسية في داخل الكيان الصهيوني نفسه بشكل يهدد بقاء ذلك الكيان من الأساس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى