عربى و دولى

تركيا.. حيث تلتقي الروح بالحضارة والسياحة المستدامة

حامد خليفة -أنقرة – قونية

تواصل تركيا ترسيخ مكانتها كواحدة من أبرز الوجهات السياحية والثقافية عالميًا، من خلال تجربة متكاملة تجمع بين العمق الروحي، والتاريخ العريق، والتنوع الحضاري، والطبيعة الخلابة، إلى جانب ريادتها في مجال السياحة المستدامة، ما وضعها ضمن أكثر أربع دول زيارة في العالم.

ووفق بيانات رسمية، استقبلت تركيا خلال عام 2024 نحو 62.3 مليون زائر، محققة إيرادات سياحية بلغت 61.1 مليار دولار، في أفضل أداء سياحي بتاريخها، بحسب منظمة السياحة العالمية.

وتتصدر مدينة قونية المشهد الثقافي والروحي باحتفالات شَبّ-ي عروس، التي تُحيي ذكرى رحيل المتصوف الكبير جلال الدين الرومي، خلال الفترة من 7 إلى 17 ديسمبر، في نسختها الـ752 تحت شعار «وقت السلام».

download 28 جريدة مؤسسة ايجي تايمز

وتستقطب الفعاليات عشرات الآلاف من الزوار من داخل تركيا وخارجها، وتشمل عروض السماع المولوية المدرجة على قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو منذ عام 2008، إلى جانب الندوات الفكرية، والأمسيات الشعرية، والمعارض الفنية، والعروض المسرحية، ما يحوّل قونية إلى مركز ثقافي وروحي عالمي.

وفي قلب الأناضول، تبرز مدينة كارامان كإحدى أقدم المستوطنات البشرية، إذ تعود جذورها إلى ما قبل 8000 عام قبل الميلاد، وكانت عاصمة لإمارة كرمان قبل العهد العثماني.

وتضم المدينة معالم تاريخية بارزة، من بينها قلعة كارامان، ومدرسة حاتونية، ومتحف كارامان، وكنيسة تششَمَلي، إضافة إلى مسجد مادر مولانا الذي يضم ضريح والدة جلال الدين الرومي، في مشهد يعكس عمق التعايش الحضاري والثقافي عبر العصور.

وتحتضن قونية موقع تشاتالهويك المدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو، والذي يُعد من أقدم التجمعات السكنية في التاريخ الإنساني، كاشفًا عن بدايات العمران والزراعة والتنظيم الاجتماعي.

كما يُعد متحف مولانا أحد أكثر المتاحف زيارة في تركيا، حيث تمثل القبة الخضراء أيقونة روحية بارزة، وتُقام فيه سنويًا مراسم شَبّ-ي عروس وعروض الدراويش الدوّارين، في احتفال رمزي بلقاء الروح بالمطلق.

وتجمع أنقرة، عاصمة الجمهورية التركية منذ عام 1923، بين التاريخ السياسي والحداثة العمرانية، وتضم معالم بارزة، أبرزها ضريح مصطفى كمال أتاتورك (أنيت كابير)، ومتحف حضارات الأناضول الحائز على لقب متحف العام أوروبيًا، إلى جانب القلاع التاريخية والمراكز الثقافية الحديثة.

وقد أُدرجت أنقرة مؤخرًا على القائمة التمهيدية للتراث العالمي لليونسكو بوصفها نموذجًا لعاصمة حديثة مخططة تعكس قيم الجمهورية.

وفي مجال الاستدامة، تتصدر تركيا المشهد العالمي كأول دولة توقّع اتفاقًا حكوميًا مع المجلس العالمي للسياحة المستدامة (GSTC)، حيث حصل أكثر من 2121 منشأة سياحية على شهادات الاستدامة المعتمدة دوليًا.

كما تحتل تركيا المرتبة الثالثة عالميًا في عدد الشواطئ الحاصلة على العلم الأزرق، فضلًا عن كونها من بين أكثر دولتين تسجيلًا لعناصر التراث الثقافي غير المادي لدى منظمة اليونسكو.

وتحظى تركيا بإقبال متزايد من الزوار القادمين من دول الخليج العربي، وفي مقدمتها السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين وسلطنة عُمان، بفضل التقارب الثقافي، والسياحة العائلية، وجودة الخدمات، وسهولة السفر، إلى جانب الرحلات المباشرة التي تسيرها الخطوط الجوية التركية، وتأثير الدراما التركية المترجمة للعربية.

وفي ختام هذه الرحلة الثقافية والسياحية الثرية، نتوجه بخالص الشكر والتقدير والامتنان إلى جمهورية تركيا، قيادةً وحكومةً وشعبًا، على حفاوة الاستقبال وحسن التنظيم وثراء التجربة.
كما نخص بالشكر وزارة الثقافة والسياحة التركية على جهودها المتواصلة في إبراز الوجه الحضاري والثقافي لتركيا وتعزيز حضورها السياحي عالميًا.

وشكر خاص للسيدة باشاك كاراتيبي، مساعد مدير الفعاليات بوكالة ترويج وتنمية السياحة التركية، على دورها المهني المتميز وجهودها التنظيمية الرفيعة التي أسهمت في إنجاح هذه الفعاليات.
كما نتقدم ببالغ التقدير والامتنان إلى القائد والمعلم والمرشد السياحي الأستاذ مجيد بوغداي، الذي رافقنا منذ بداية الرحلة وحتى نهايتها، ولم يدخر جهدًا، ولم يبخل بمعلومة، فكان نموذجًا مشرفًا للمرشد السياحي المحترف، وركيزة أساسية في إثراء التجربة معرفيًا وإنسانيًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى