مقالات

عندما ترى منزلك يُقصف.. وتنجو.. لا تعود كما كنت.. أنت تعيش.. ولكنك في الحقيقة تعيش بقاياك

بقلم الكاتبة/ زينب محمد شرف

 

عندما ترى منزلك يُقصف، وتنجو، لا تعود كما كنت، شيء في داخلك يتحطم مع الجدران، ينكسر كما انكسرت النوافذ، ويتناثر كما تناثرت الذكريات على الأرض، وقد تنجو بجسدك، ولكن روحك تبقى معلقة هناك، بين الركام، وتعيش ولكنك في الحقيقة لا تعيش سوى بقاياك.

وملامحك القديمة تبهت، وضحكتك تصير باهتة، وخوفك يصير رفيقًا لا يغادرك، لم تعد تنتظر الغد بنفس الشغف، لأنك ذقت لحظة كانت فيها كل الحياة ممكنة، ثم انتهت.

في خضم أصوات القصف وأنقاض المباني، هناك صرخات لا تُسمع وندوب لا تُرى، إنها جراح النفس التي خلفتها الحروب المتتالية في قطاع غزة، تلك البقعة الصغيرة التي باتت مرادفًا للمعاناة والحرمان.

518391968 1117024436972200 4738855783586521312 n جريدة مؤسسة ايجي تايمز

نساء غزة يصنعن الحياة تحت القصف، ويُربّين الأمل وسط الركام:
نساء غزة لا ينتظرن الحياة، بل يصنعنها كل يوم بإصرارهن، وفي قلب غزة لا يهدأ صوت القصف ولا تغيب رائحة البارود، تقف النساء كأعمدة صلبة تحمل ما تبقى من الحياة، يصنعن من الألم أملاً، ومن الدمار بيتًا دافئًا بالحب، والصبر وسط الركام، تغسل أمٌ ثياب أطفالها بماء الشقاء، وتبحث عن بقايا العيش من التراب برائحة الأمان، تُربّي الأمل في عيون الصغار، وتُخيط من الشظايا ثوبًا من الكرامة، وحين تودّع ابنها شهيداً، تُقسم أن تُنجب للأرض فارساً جديداً.

ليست الجبال ما يُرهب العدو، بل صلابة أطفال غزة:
أطفال غزه كتبوا المجد على جدران البيوت المهدّمة، رغم الدمار، ورغم أن جدران البيوت قد تهدّمت، إلا أن أطفالها لم يستسلموا للحزن، وبأيديهم الصغيرة، وقلوبهم الكبيرة خطّوا على الجدران المتصدعة حروفًا من نور، كأنهم يصرخون في وجه العالم نحن هنا.

ولم تكن كلماتهم حروفًا عابرة، بل كانت شهادات حيّة على الصمود والكرامة، كتبوا المجد على الخراب، وزرعوا الأمل في الرماد، ليؤكدوا أن الطفولة في غزة لا تُهزم، بل تنبت من تحت الركام، وتحمل في عيونها وعدًا بحياة لا تعرف الانكسار.

518644671 1069097295192233 7704246517969786498 n جريدة مؤسسة ايجي تايمز

ومن هذا المنطلق أطفال غزه لا تخاف من الموت، ولكن فقط تعبت من سماعه كل ليلة، أطفال عزه تصرخ للإنسانية، ارفعوا الحصار، واتركوا لنا بعض الأمل، ودعوني أذهب إلى مدرستى لا إلى مقبرى، أوقفوا النزيف، لا يمكن أن تُبنى الأمم على أنقاض الأمهات، وختامًا في غزة كل بيت يحمل شهيدًا، وكل قلب يحمل وطنًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى