حكايات العالم السفلى.. الحكاية السابعة عشر

بقلم إيهاب همام
الجثة المتحركة
قمت من نومي على صوت ميكرفون الجامع بينادي وبيعلن إن عطوة مات ، وعطوة دا كان جزار طيب جدا جدا ، وطبعا أنا أول ما سمعت الخبر كنت هاتجنن ، دا أنا كنت لسة مقابله امبارح ، استغفر الله العظيم ، بس الموت مش بعيد عن حد خالص العيان زي السليم بالظبط ، والروح ممكن تطلع لل خلقها في لحظة ، طبعا ما عرفتش أنام ثانية واحدة تانية ، وفضلت صاحي وساعة بعد ساعة الضهر قرب يأذن ، وعطوة كان المفترض هايندفن بعد صلاة الضهر ، وروحت عند بيت عطوة عرفت إنه مات في حادثة ، اتقبلت بيه عربية المواشي في الترعة وهو جاي من السوق ، وطلعت جثة عطوة ، وكل البلد كان ماشية ورا الجثة ، لحد ما دخلناه الجامع ، وفضل بقى الشيخ يخطب ويدعي لعطوة
لكن فجأة يا جماعة ، أنا شوفت النعش بينمل كدا ، وبيهتز بسيط ، أيوة دا ال حصل ، ساعتها بصيت حواليا في كل الاتجاهات ، يا ترى حد لاحظ إل أنا لاحظته ؟
لكن ما لحظتش أي رد فعل خالص ، طيب مش يمكن بيتهيألي ، ولا دا يمكن علشان مانمتش كويس ؟
أيوة بس أنا مش حاسس ، إني دايخ ، كمان مش حاسس بقلة تركيز ، لا حول ولا قوة إلا بالله
لكن على أي حال ، حاولت ، أندمج مع الشيخ تاني ، ماهو مش معقول بقى ، هاقول للناس الجثة بتتحرك ، أكيد هايقولوا عليا مهبول ، وهاتبقى فضيحة ، وأنتوا عارفين بقى فضايح القرى بتنتشر إزاي
لكن فجأة !!!!!! لاحظت إن النعش بيتحرك تاني ، والمرة دي كانت الهزة ملحوظة أكتر من الهزة الأولانية ، وبردو بصيت حواليا في كل حتة بردو الناس باصين للشيخ زي التماثيل ، وما حدش لاحظ حاجة ، ماهو مش معقول بردو أعتقد إني راكبني جن ، وكمان أنا في بيت ربنا يعني أكيد الجن واقف على باب الجامع من برا ..
علشان كدا سألت واحد كان قاعد على يميني
وقولتله : هو أنت ما لاحظتش إن النعش أتحرك وأهتز كدا ؟
بصلي الراجل دا أوي يجي عشر ثواني ، وبعدين حط أيده على بقه ، علشان ضحكته ماتطلعش في الجامع ، علشان كدا أنا ريحت نفسي ورجعت قعدت ورا خالص في آخر المسجد ، لكن بردو عيني كانت على نعش مش عارف أركز خالص مع الشيخ ، لكن لما رجعت ورا ما لاحظتش إي هزة في النعش علشان كدا ، قولت يمكن المشكلة فيا أنا ، لا دا مش ممكن دا أكيد ..
بعد كدا الظهر أذن ، وصلناه من غير أي مشاكل ، فاضل بقى نصلي على المعلم عطوة ونروح ندفنه ، ولسة يا جماعة الناس بتزق النعش تجاه القبلة ، إلا إني لقيت النعش المرة دي بيهتز بعنف شديد ، وكأن عطوة الميت محبوس جوا وعايز يخرج ، لكن المرة دي مش أنا إل لوحدي ال لاحظت دا ، لا دا كل الناس إل في الجامع لاحظ وشافوا دا ، وكله وقف على حيله ، وقفوا كلهم وفضل كل واحد يبص للتاني ، وعنييه أوسع من الشباك ، ومرة واحدة انتشر الهرج والمرج في الجامع
شوية بقوا يقولوا الله وأكبر ، وفيه ناس وقعت على الأرض من صدمة الموقف ، وشوية كتار بقى جريوا على النعش وكشفوا الغطا ،
وحد قال : شيلوا الكفن من فوق وشه علشان ما يتخنقش دا لسة صاحي ..
وفعلا شالوا الكفن من على وش عطوة ، ونص الناس ال في الجامع خرجوا برا ، والخبر في ثانية اتنشر ، عطوة لسة صاحي ، والعيال والستات وقفوا على باب الجامع ، وكأنهم عايزين يشوفوا ممثل من إل بيطلع في التيلفزيون ، وفي الاخر حطوا عطوة في عربية ، وجريوا به على أقرب مستشفى .
وحكوا طبعا للدكتور على إل حصل ، والدكتور فعلا كشف على عطوة ، ونخلي بالنا ‘ن عطوة لا كان مفتح عنيه ولا حاجة من دي خالص ، والآخر الدكتور
قال للناس : أنتوا متأكدين إن النعش فعلا أتحرك
والناس بقى كل واحد يحلف ورا التاني ، وهنا حط الدكتور أيده على راسه
وقال : إزاي بقى دا ميت وشبعان موت من ساعتنين .
لكن الدكتور شك في نفسه ، ما هو ياريت واحد بس هو ال جاي يدعي دا ، لا دا ناس كتير أوي ، ومش معقول كل دول بقى هايبقى مجانين ، ولا شاربين حاجة ، وهو دا بقى إل خلا الدكتور يستعين بدكاترة تانيين من زمايله ، لكن بردو الدكاترة ، جم قالوا إن الراجل فعلا ميت من ساعتين وزيادة ، والدم خلاص متجمد في كل عروقه ، لحد مافيه دكتور حلها
وقال : اعتبروه كان بيتحرك فعلا ، المهم دلوقت أهو ميت قدامنا ، يلا ما تبهدلوش الراجل المتوفي وروخوا ادفنوه ..
وبالاخير فعلا أهل الميت راحوا دفنوه ، لكن بقى الغريب ، إنهم فضلوا أيام قاعدين جنب المقابر مش بيروحوا ، كانوا شاكين إن الميت ممكن يصحى وخبط على باب القبر من جوا ، لكن دا ما حصلش ، وف ليلة كانوا اهل الميت قاعدين جنب القبر كالعادة ، وبصوا لقوا واحد واقف على باب شارع المقابر
وقال :
معروف الموت بيحصل بعد توقف المخ ، لكن ممكن الجثة تتحرك فعلا بعد توقف المخ ، وخصوصا لما يكون الميت دا كان شاب ، وعنده صحة ، بتبقى الجثة فيها طاقة ، ولازم تهتز علشان تخلصها ، زي التعبان كدا ، ممكن دماغة تتفجر وجسمه يلصق على أسفلت العربيات ، وف نفس الوقت ديله ممكن يتحرك ويجري لوحده على الأسفلت بعد الموت ، كما في عالم الحيوان ممكن تدبخ عجل وتقطع لحمه وتحطه في الحلل وتبص تلاقي لحمه بينتفض داخل الحلل ، وخصوصا لو العجل أساسا كان صغير وقوي ، فامش كل جثة اتحركت يبقى فيه الروح إلا بقى إذا قامت ومشيت أو فتحت عنيها ، يلا يا جماعة روحوا وما تجوش هنا تاني بالليل .
وهنا أخو الميت
سأل الراجل وقال : طيب اشمعنا أنت بتيجي هنا بالليل ؟
وهنا قرب الراجل على أخو الميت بهدوء
ووقف قدامه
وقال : أنا باجي هنا علشان دي شغلتي
وفجأة !!!!!! الراجل اختفى من قدامهم في لحظة ، علشان كدا أهل الميت جريوا وبقوا يتقلبوا على بعضهم في الطريق ، والقصة دي كلها قالها أخو الميت
وكمان قال : إنه حلم بإن عطوة أخوه بيضربه على ضهره
وبيقوله : ما تحرش عند المقابر تاني بالليل ، أنا ميت وشبعان موت ياغبي
الغريب إن أخو الميت لما صحي من النوم لقى خمس صوابع معلمة على ظهره.