شعر وأدب
قصة قصيرة.. “خريف” بقلم الروائي العراقي فاضل الربيعي

أرست رأسها المليء بالضجيج وصخب السنين وشحيح ألازمان , أرسته على شاطيء صدره الذي كان مرساها عبر سني العمر , أخذ منهما الوقت الكثير وحملهما أهات تجرعتها قلوبهما بصمت حبست بصدورهم دون أنين.
قالت وهي تسمع دقات قلبه
:- مازلت أرخي أشرعتي عند قلبك , أسمع طرقات نبضاته التي تنشد بحروف اسمي لكن بقي وهج الحنان رغم وهن اللحن متقداً في جنباته الحبيبة.
سحب نفسا عميقا وهو يطوقها بساعديه يهمس لها
: – لقد كنت أسعد ساعات حياتي يا أغلى رفيقة العمر , حنانك أسدل شجون الساعات الطويلة من غدر الزمن , كنتِ ملاذ خواطري وأسرار فرحتي وإحتواء أشواقي .
ساد صمت طويل, وهما اقرب من بعض وكأنما صار ذلك السكوت همس حب لايذوب ولا ينفض قالت: –
صار العمر خريفا , مر وقت الربيع بسرعة وطوته السنين .
لاحظ تلألؤ دمعات تفضح شيء في صدرها .يضمها بقوة أليه وبصوت حنون يقول : – نعم خريف عمرنا أنه أجمل حتى من أي ربيع مادام ضلك يحتوي حناني وهيامي وحبك يطوق أوداجي ويرسل دفء شعاعه على جنبات العتمة في ذاتي , كُنتِ نشيد أمل متجدد لاأسلاه أبدا.
تسلقت عيناها الزرقاوان الساحرتان لوجهه ورسمت بسمة رقيقة فوق شفتيها وقالت: –
نعم .. أحلى خريف نعيشه كما كانت كل الفصول بحبك رائعة رقيقة وصارت أحضانك ترياق أنسي وأيقونة سعادتي .
أبتسم وهو يمسح شعرها بحنوه المعهود .أنتبهت لقطرات الغيث تطرق على زجاج الشباك , تحركت أليه , فتحت الزجاج لتذوب مع جمال المشهد ورائحة أديم ألأرض الذي بدأ يسفر مع قطرات المطر ,قالت بصوت خافت
: – اعشق صوت المطر وهذه الرائحة الزكية مع قطرات الخير .
قال وهو يتحرك نحوها ليكون أقرب منها
: – أتعلمين أن هذه العطور التي تتناغم مع عطاء الغيث أنما هي عشق بين ارض وطن وسمائه ُ , وهذا هو ما يحمله خريف الفصول , كما هو خريفنا الذي صار كل الفصول ربيعا في حياتنا يا منية النفس.
أقتربت منه وهي تسمع نغمات المطر وتشده أليها , وصار وجهها كشمس مشرقة في وضح الضحى وهي تتفرس وجه عشيق عمرها الحبيب.
فاضل محمد الربيعي