محافظات

التيك توك مغسلة عملاقة للأموال القذرة

بقلم الكاتبة الصحفية شيرين عصام

غسل الأموال في التيك توك… الوجه الخفي للفيديوهات الراقصة

لم يعد غسل الأموال حكرًا على البنوك السرية أو الشركات الوهمية، بل وجد طريقه مؤخرًا إلى منصات التواصل الاجتماعي، وفي مقدمتها تطبيق “تيك توك”. هذا التطبيق الذي وُلد ليكون منصة للترفيه ومشاركة المقاطع القصيرة، أصبح في بعض الدوائر المظلمة غطاءً لعمليات مالية مشبوهة، تتجاوز حدود اللعب والضحك، لتصل إلى عالم الجرائم الاقتصادية.

كيف يحدث غسل الأموال عبر التيك توك؟

الآلية أبسط مما يتصور البعض، لكنها شديدة الخطورة:

1. شراء الهدايا الافتراضية
يقوم أشخاص مجهولون بشراء كميات كبيرة من العملات أو الهدايا الرقمية داخل التطبيق باستخدام أموال غير شرعية.

2. تحويل الهدايا إلى صناع محتوى
يتم إرسال هذه الهدايا إلى حسابات تابعة لشركاء في العملية أو حسابات وهمية.

3. سحب الأموال “النظيفة”
بعد تحويل الهدايا إلى أرباح نقدية عبر سياسات الدفع في تيك توك، تصبح الأموال “مشروعة” في نظر النظام المالي.

لماذا تيك توك بالذات؟

سهولة إنشاء الحسابات وعدم التحقق الصارم من الهوية.

صعوبة تتبع المعاملات الدقيقة في بيئة تعتمد على العملات الافتراضية والهدايا.

الانتشار العالمي، ما يمنح غطاءً دوليًا ويجعل تتبع التحويلات أكثر تعقيدًا.

علامات الخطر التي تكشف الحسابات المشبوهة

بث مباشر بلا محتوى حقيقي، ومع ذلك يتلقى هدايا بمبالغ ضخمة.

حسابات جديدة تكتسب أرباحًا غير منطقية خلال فترة قصيرة.

استخدام وسطاء أو شبكات “جروبات” لجمع وتحويل الهدايا.

التأثيرات على المجتمع والاقتصاد

إفساد بيئة المحتوى: المال القذر يدعم حسابات غير مؤهلة، على حساب المبدعين الحقيقيين.

تهديد الأمن الاقتصادي: دخول أموال مشبوهة قد يرتبط بجرائم أكبر مثل المخدرات أو تمويل الإرهاب.

تطبيع الجريمة الرقمية: جعل المستخدمين الشباب يرون الأرباح السريعة بلا جهد كأمر عادي.

الحل… مسؤولية جماعية

على تيك توك أن يطور أنظمة مراقبة أكثر صرامة، مع تتبع حركة الهدايا بشكل دوري.

على الحكومات إدراج المعاملات الرقمية في قوانين مكافحة غسل الأموال.

على المستخدمين الإبلاغ عن أي نشاط مريب بدلًا من الاكتفاء بالمشاهدة.

غسيل الأموال عبر التيك توك ليس مجرد شائعة، بل ظاهرة آخذة في التوسع داخل الظل، تحتاج إلى وعي مجتمعي وتعاون دولي لوقفها. فبينما نظل نحن منشغلين بالفيديوهات الراقصة والمقالب، هناك من يحوّل هذه المنصة إلى مغسلة عملاقة للأموال القذرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى