شعر وأدب

حبيبة العمر.. بقلم نجلاء محجوب

 

هى لا تسقط من الذاكرة مهما حاولت، لقد حفرت اسمها على جدران قلبي، وتركت أثرًا لا يمحى منذ أول لقاء بيننا، عيناها من النظرة الأولى اقتحمت أبواب قلبي المغلقة، وعبرت جسور صمتي، ورغبتي في الوحدة، كان أول لقاء بيننا عندما مررت لاصطحاب شقيقتي من أمام الجامعة، وكانت بصحبة صديقتها هدير… أعجبت بها من أول رمقة… بعدها لم أتردد لحظة فى إخبار والدي برغبتي في الإرتباط بها، لم يمانع والدي لأنه كان يتمنى أن ارتبط، كنت أعمل في ذلك الوقت موظفًا في بنك مصر، فقد تخرجت من كلية التجارة قسم اللغة الإنجليزية، وتقدمت لمسابقة البنك وتم قبولي، وكان معظم أصدقائي قد تزوجوا، وكان والدي يتمنى أن أتزوج ليكون لديه أحفادًا، أخفيتها فى أعماق روحي عندما غمرتني بمشاعر فياضة خلال عشرين عامًا، وكانت ثمرة زواجنا مهاب وعمر، حياتنا كانت حياة سعيدة، بذرنا داخلهما الأخلاق والمبادئ، وأصرت هدير على تعليمهما في مدارس لغات، بالإضافة إلي ترسيخ حب طاعة الله والتدين بتخصيص يوم في الاسبوع، لحفظ القرآن الكريم على يد متخصص، مرت السنوات سريعًا.

و كبرا أمام عينينا، عشت أجمل سنين حياتي معها وعشنا أيام تملأها السعادة، تخرج مهاب من كلية الحقوق وعمل بالمحاماة وتزوج زميلته وانجبا أول حفيد زياد قرة عيني، وقرر عمر إكمال دراسته في الخارج فقد حصل على منحة دراسية على نفقة الدولة لتفوقه في كلية الهندسة، وفي ذات يوم كنت متعبًا وكنا ذاهبين في طريقنا لعيادة الطبيب، فقادت هدير السيارة فخرجت سيارة مسرعة فجأة من جهة اليسار، يقودها شاب مستهتر فأصابتني كدمات، أما هدير فدخلت في غيبوبة، وكان هذا أكبر وأقوي شدة أتعرض لها في حياتي، أنها شريكة عمرى… وطني… ابتسامة حياتي.. رفيقة العمر، وأم أولادي، أنا لم أفقد الأمل أبدًا في قدرة الله في إعادتها لي وعدم حرماني منها، كنت اجلس بجوارها يوميًا وامسك يدها وأتحدث إليها، أشعر أنها تسمعني لكن ليس لديها القدرة على التحدث، وأتساءل هل يديها الدافئتين فعلا تحاول أن تتحرك؟ كنت أحكي عن مشاعري لها قبل أن أتقدم للارتباط بها، وكيف كان ارتباطي بها حلمًا أتمني أن يصبح حقيقة، احكي عن خفقات قلبي المتلاحقة عندما أراها، وفي يوم كنت على أعتاب اليأس وفقدان الأمل فوضعت وجهي على راحة يدها وقبلتها ثم أجهشت في البكاء، مبتهلا إلي الله، يا الله ردها لى، شعرت أن روحي ستفارق جسدي من شدة البكاء، وفي ذروة اليأس جاء نور البشرى، شعرت بأناملها تتحرك ببطئ فنظرت لوجهها، وقلت يا حبيبة القلب، فرأيت عينيها تقاوم النعاس تحجرت دموعي وتوقف إمطارها و قلبي صار يخفق بشدة، فتحركت شفتيها باسمى لتعلن عن قدرة الخالق في استجابة دعائي، أخبرتني انها بخير، هل سمعت صوتها من جديد؟

كدت أفقد الوعي، بالكاد أقف على قدمي، شعرت بنا الممرضة فاستدعت الطبيب الذي ابتسم ابتسامة الشكر والدهشة من قدرة الله اللا محدودة، عادت لي بعدما مررنا بأيام شديدة كدت أفقد عقلي، بعد يومين تحت الملاحظة عدنا للبيت الذي عشنا فيه أجمل أيام حياتنا، وفاجأنا عمر برحلة تجمع عائلتنا لبيت الله الحرام لشكره على فضله وجزيل عطاءه لنا.

وقررت بعدها ألا ايأس مهما كان الاختبار صعب ومعطيات الأمور توحي بفقدان الأمل، وتعلن عن استحالة الإجابة، لأن قدرة الله وعطاءه تتعدى حدود المعقول إلي اللامعقول، بكن فيكون.

تمت

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى