شعر وأدب

من القلب .. “العطاء” بقلم د/ مها علي دليور

من أسمى الصفات التي يتحلى بها الإنسان هو أن يعطي بدون مقابل، وقد تكلم العلماء والحكماء كثيرا عن قيمة العطاء و فوائده و أثره على شخصية الفرد الذي يمارسه و نفسيته، ويقال أنك إذا أردت الاهتمام فاعطيه وإذا أردت الحب فجُد به و إذا أحتجت المال فتصدق… وهكذا.

و قد أخذ العطاء مساحة كبيرة من أحاديث المؤثرين و رجال الدين و المرشدين الأسريين وغيرهم ممن يهتم بأخلاق المجتمع و توجيه سلوكه وذلك لأنه ضد الطبيعة البشرية التي تعتمد منذ بداية خلقه على الأخذ فقط، حتى لو كان من تعطيه غير مرجو منه المقابل تقول “لله” أو “ربنا يعوضنا في أولادنا” أي أنك تنتظر المقابل بصورة أخرى غير مباشرة، وهناك بعض الأشخاص يمارسون الأعمال الخيرية فقط من أجل تحقيق الرضاء النفسي والسعادة والشعور بالقيمة المجتمعية، وهناك من يقتني الحيوانات الأليفة و يحوطها بالعناية الفائقة لممارسة العطاء وذلك لتحقيق شعورهم بأن هناك من يحتاج إليهم أو يقدر وجودهم و يرى في عين هذا الحيوان نظرة امتنان له فينعكس عليه بالرضا والسعادة، حتى أن بعض الأشخاص لو نشر بعض النصائح على مواقع التواصل الاجتماعي لإفادة الناس كصدقة جارية سيترقب التفاعلات والتعليقات و المشاركات فإن حققت النسبة المرضية له سيكررها مرات و مرات و إن لم يحصد الرضا النفسي من نشرها لن يعيدها مرة أخرى.

ولكن هناك أشخاص فرض عليها العطاء بدون مقابل أو بدون مردود مجزي واعظم مثال هو
” الأم ” مع أبنائها و الزوج والزوجة بعضهم لبعض و الموظف الذي لا يعادل مجهوده قيمة الراتب الذي يتقاضاه في نهاية كل شهر و الممرضة و الطبيب و هناك الكثير من الأمثلة التي لا حصر لها،
ولذلك إن كنت تريد ممارسة العطاء بدون مقابل على الدوام و بدون انقطاع وهذا من حق من قررت أن تكون لك اليد العليا عليهم فعليك أولا أن تعطي نفسك وترضيها ففاقد الشيء لا يعطيه، حتى لا تشعر أنك مظلوم و حقك مهضوم في هذه الدنيا و كل من هب ودب ينتهك أملاكك.

ولذلك فإن العطاء ليست كلمة مطلقة يطبقها من تخطر على رأسه فكرة ممارستها بل لها شروط و تأهيل نفسي و وعود بالاستمرارية و أخيرا اليقين بأنه يعقد صفقة مع الله و أنه يقرض الله قرضا حسنا و ان ما عند الله خير وأبقى.

د/ مها علي دليور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى